وبم كان أهمّ (١) فمراد (٢) المصنّف بالأهمّيّة ههنا الأهمّيّة العارضة بحسب اعتناء المتكلّم أو السّامع بشأنه (٣) والاهتمام بحاله لغرض من الأغراض (٤) [كقولك : قتل الخارجيّ (٥) فلان] لأنّ الأهمّ (٦) في تعلّق القتل هو الخارجيّ المقتول ، ليخلّص النّاس من شرّه [أو لأنّ في التّأخير (٧) إخلالا ببيان المعنى ،
______________________________________________________
(١) أي إلى هنا كلام الشّيخ عبد القاهر.
(٢) إشارة إلى دفع الاعتراض المذكور ، وحاصل الدّفع : إنّ الأهمّيّة المطلقة إلى الغير المقيّدة بذاتيّة أو عرضيّة لها أسباب منها أصالة التّقديم ، وتمكين الخبر في ذهن السّامع ، وتعجيل المسرّة أو المساءة ، إلى غير ذلك ، ممّا تقدّم في بحث المسند إليه ، فإن كان سببها غير كون الأصل التّقديم من تعجيل المسرّة ونحوه ، فالأهمّيّة تكون عرضيّة مقابلة للأهميّة ، وإن كان سببها كون الأصل التّقديم ، فالأهميّة ذاتيّة.
إذا عرفت هذه المقدّمة فنقول : إنّ المصنّف أراد هنا من الأهمّيّة الأهمّيّة العارضة المقابلة للأهمّيّة الذّاتيّة ، وأراد بالأهمّيّة في بحث المسند إليه الأهمّيّة المطلقة ، فحينئذ ليس في المقام من جعل قسم الشّيء قسيما له عين ولا أثر ، بل إنّما جعل قسم الشّيء قسيما له ، لأنّ الأهمّيّة العارضة قسيم للأهمّيّة الذّاتيّة.
(٣) أي بشأن المقدّم.
(٤) أي غير أصالة التّقديم ، ممّا تقدّم كتعجيل المسرّة أو المساءة أو الاستلذاذ.
(٥) وهو الخارج على السّلطان ، والمراد منه الباغيّ ، فالنّسبة إليه من نسبة الجزئيّ إلى الكلّيّ.
(٦) أي الأهمّ هنا هو وقوع الفعل على المفعول لا صدوره عن الفاعل ، وحاصله أنّه يقدّم المفعول كالخارجيّ في المثال على الفاعل ـ كالفلان في المثال ـ إذا كان الغرض معرفة وقوع الفعل على من وقع عليه ، لا وقوعه ممّن صدر عنه ، كما إذا خرج رجل على السّلطان ، وعاش في البلاد ، وكثّر به الأذى فقتل ، وأردت أن تخبر بقتله ، فتقول : قتل الخارجيّ فلان بتقديم الخارجيّ ، وهو المفعول على فلان ، وهو الفاعل ، إذ ليس للنّاس فائدة في أن يعرفوا قاتله ، وإنّما الّذي يريدون علمه وقوع القتل عليه ليتخلّصوا من شرّه.
(٧) أي تأخير ذلك المفعول الّذي قدّم «إخلالا ببيان المعنى» المراد ، وذلك بأن يكون