وأمّا (١) في القصر الغير الحقيقيّ فلا يجعل فيه غير المذكور بمنزلة العدم ، بل يكون المراد أنّ الحصول في الدّار مقصور على زيد بمعنى أنّه ليس حاصلا لعمرو ، وإن كان حاصلا لبكر وخالد.
______________________________________________________
(١) أي هذا الكلام من الشّارح إشارة إلى الفرق بين القصر الإضافيّ والقصر الحقيقيّ الادّعائيّ ، وتوضيح ذلك : إنّ أقسام القصر أربعة :
١ : القصر الحقيقيّ على وجه الحقيقة.
٢ : الحقيقيّ على وجه المبالغة.
٣ : الإضافيّ على وجه الحقيقة.
٤ : الإضافيّ على وجه المبالغة.
ثمّ الفرق بين الحقيقيّين واضح لا يحتاج إلى بيان ، لأنّ الأقسام الثّلاثة أعني قصر الإفراد والقلب والتّعيين المتصوّرة بحسب ردّ اعتقاد المخاطب لا تجري في القصر الحقيقيّ وتجري في الإضافة على وجه الحقيقة.
وكذلك الفرق بين الحقيقيّ الادّعائيّ والإضافيّ الادّعائي واضح حيث إنّ الأوّل يجعل فيه ما عدا المذكور بمنزلة المعدوم ، والثّاني يجعل فيه ما يكون القصر بالإضافة إليه منزلة المعدوم كالمثال المذكور إذا قصد أنّ الحصول في الدّار مقصور على زيد ، لا يتجاوزه إلى عمرو ، وجعل عمرو بمنزلة العدم ، فالأوّل ينزّل فيه جميع من سوى زيد بمنزلة العدم ، والثّاني ينزّل فيه بعض من سواه ، وهو ما يكون القصر بالإضافة إليه منزلة العدم.
وإنّما الكلام في الفرق بين القصر الحقيقيّ على وجه المبالغة والادّعاء ، وبين القصر الإضافيّ على وجه الحقيقة ، والفرق بينهما دقيق ، كثيرا ما يلتبس أحدهما بالآخر ، والفرق بينهما يمكن لأحد أمرين :
الأوّل : إنّ الحقيقيّ الادّعائي مبنيّ على المبالغة ، والتّنزيل ، فإذا ما في الدّار إلّا زيد ، وأردت لا غيره ، وكان فيها غيره ، ونزّلته منزلة العدم كان القصر حقيقيّا ادّعائيّا ، وإن أردت لا عمرو ، وكان فيها بكر وخالد أيضا كان القصر إضافيّا على وجه الحقيقة.
الثّاني : إنّه لا يشترط في الحقيقيّ مطلقا اعتقاد المخاطب على أحد الوجوه الثّلاثة في الإفراد والقلب والتّعيين.