ويعني بالأوّل (١) التّخصيص بشيء دون شيء [من يعتقد الشّركة (٢)] أي شركة صفتين في موصوف واحد في قصر الموصوف على الصّفة ، وشركة موصوفين في صفة واحدة في قصر الصّفة على الموصوف ، فالمخاطب (٣) بقولنا : ما زيد إلّا كاتب ، من يعتقد اتّصافه بالشّعر والكتابة ، وبقولنا : ما كاتب إلّا زيد ، من يعتقد اشتراك زيد وعمرو في الكتابة ، [ويسمّى] هذا القصر [قصرا إفرادا (٤) لقطع الشّركة] الّتي اعتقدها المخاطب [و] المخاطب [بالثّاني (٥)] أعني التّخصيص بشيء مكان شيء من ضربيّ كلّ من القصرين
______________________________________________________
(١) أي ما فيه لفظ «دون» ، فالمراد بالثّاني ما فيه لفظ مكان.
(٢) أي غالبا ، فإنّ ما يشتمل على قصر الإفراد قد يكون المخاطب به من يعتقد أنّ المتكلّم يعتقد الشّركة ، ولو كان هذا المخاطب معتقدا للانفراد كان يعتقد مخاطب اتّصاف زيد بالشّعر فقطّ ، ويعتقد أنّك تعتقد اتّصافه بالشّعر والكتابة والتّنجيم مثلا ، فتقول له : ما زيد إلّا شاعر ، لتعلّمك إيّاه أنّك لا تعتقد ما يعتقده فيك.
(٣) اعلم أنّ المقصور أبدا ما بعد إلّا ، والمقصور عليه ما قبلها ، فالمثال الأوّل مثال لقصر الموصوف على الصّفة ، والثّاني لقصر الصّفة على الموصوف.
(٤) إضافة القصر إلى الإفراد في المقام من إضافة السّبب إلى المسبّب ، وكذا قوله : قصر قلب ، قصر تعيين ، ويحتمل أن تكون الإضافة بيانيّة.
(٥) عطف على قوله : «بالأوّل» ، وقوله : «من يعتقد العكس» عطف على قوله : «من يعتقد الشّركة» ، وعاملهما واحد ذاتا وهو المخاطب ، وإن كان متعدّدا بالحيثيّة ، حيث إنّ المخاطب عامل في الجارّ والمجرور أعني «بالأوّل» من حيث إنّه مشتقّ ، وفي «من يعتقد» من حيث إنّه مبتدأ ، فلا يلزم العطف على معمول عاملين مختلفين لعدم التّعدّد بالذّاتّ ، وتقدير المخاطب قبل قوله : «بالثّاني» إشارة إلى أنّه لا بدّ من تقدير العامل في نظم الكلام حذرا من لزوم العطف على معمول عاملين مختلفين.