الصّفة مشعرا بانتفاء غيرها ، وفيه نظر بيّن في الشّرح (١). [وقصر التّعيين أعمّ] من أن يكون الوصفان فيه متنافيين أو لا (٢) ، فكلّ مثال يصل لقصر الإفراد والقلب يصلح لقصر التّعيين من غير عكس.
______________________________________________________
(١) وجه النّظر : أنّه يجوز أن يعلم انتفاء ذلك بقرينة من القرائن ، لا بذلك التّنافي بين الوصفين ، وتفصيل ذلك أنّه إن أراد ليكون إثبات المتكلّم الصّفة مشعرا بانتفاء غيرها ، وهو ما اعتقده المخاطب ، ففيه أنّ أداة القصر مشعرة بذلك من غير حاجة للّتنافي ، وإن أراد أنّ إثبات المخاطب الصّفة مشعر بانتفاء غيرها ، وهي الّتي أثبتها المتكلّم كالقيام حتّى يكون هذا عكسا لحكم المخاطب ، فيكون قصر قلب ، ففيه أنّ إثبات المخاطب لا إشعار له بانتفاء شيء أصلا ، إذ غاية ما يفهم منه الإثبات فقطّ ، وانتفاء الغير إن فهمه منه المتكلّم فبقرينة.
أو بعبارة أخرى كأن يقول : ما زيد إلّا قاعد ، فيقول المتكلّم ردّا عليه : ما زيد إلّا شاعر ، ولا يتوقّف على التّنافي.
والحاصل إنّ شرط قصر القلب اعتقاد المخاطب عكس ما يذكره المتكلّم سواء تحقّق التّنافي بينهما أم لا ، وما ذكره المصنّف من اشتراط تنافي الوصفين لا يتمّ ، وحينئذ فالحقّ مع السّكّاكي في إهمال ذلك الشّرط.
(٢) هذا إشارة إلى أنّه ليس المراد بكونه أعمّ أنّه أعمّ من لقصرين الآخرين بحسب حقيقته ، لأنّ حقيقته مباينة لحقيقة كلّ من الإفراد والقلب ، لأنّ الإفراد متقوّم على اعتقاد الشّركة ، والقلب متقوّم على اعتقاد العكس ، والتّعيين متقوّم على عدم الاعتقادين ، فلا مجال لكونه أعمّ منهما بحسب حقيقته ، بل المراد أنّه أعمّ منهما من حيث الحمل ، قوله : «من غير عكس» إشارة إلى أنّ المراد بالعكس هو العكس بمعنى اللّغوي ، أي كلّ مادّة تصلح مثالا لقصر التّعيين ، لا تصلح مثالا لواحد منهما لأنّه ربّما صلح للتّعيين ما لا يصلح للإفراد ، وهو الّذي يصلح للقلب ، وربّما صلح له ما لا يصلح للقلب ، وهو الّذي صلح للإفراد ، وبالجملة أنّه ليس كلّ مثال يصلح لقصر القلب أو الإفراد يصلح لقصر التّعيين ، لأنّهما مشروطان بقيد عدم التّنافي أو بالتّنافي ، وقصر التّعيين ليس مشروطا بشيء.