[وهذه الطّرق] الأربعة (١) بعد اشتراكها (٢) في إفادة القصر [تختلف من وجوه ، فدلالة (٣) الرّابع] أي التّقديم [بالفحوى] أي بمفهوم (٤) الكلام ، بمعنى أنّه إذا تأمّل صاحب (٥) الذّوق السّليم فيه فهم منه القصر ، وإن لم يعرف اصطلاح البلغاء ، في ذلك (٦) [و] دلالة الثّلاثة [الباقية بالوضع (٧)]
______________________________________________________
والحاصل إنّ قوله : «أنا كفيت مهمّك» بمعنى وحدي قصر إفراد لمن اعتقد أنّك وغيرك كفيتما مهمّه ، وقصر قلب بمعنى أنا كفيت مهمّك لا غيري لمن اعتقد أنّ غيرك كفى مهمّه دونك.
(١) أي العطف وما وإلّا وإنّما والتّقديم.
(٢) أي الطّرق الأربعة.
(٣) أي هذا هو الوجه الأوّل من وجوه الاختلاف.
(٤) أي هذا مخالف لما اصطلحوا عليه ، فإنّهم يسمّون مفهوم المخالفة بدليل الخطاب ، ومفهوم الموافقة بفحوى الخطاب ، فيقولون إنّ فحوى جملة (تَقُلْ لَهُما أُفٍ) هو لا تضرب ولا تشتم ، ودليل جملة إن جاءك زيد فأكرمه ، هو إن لم يجئك فلا تكرمه ، والمراد بالفحوى في المقام ليس مفهوم الموافقة ، بل ليس مفهوم المخالفة أيضا ، وإنّما المراد به ما يدلّ عليه الكلام المشتمل على التّقديم في عرف البلغاء ، وهو سرّ التّقديم وملاكه ، فإنّ مثل هذا الكلام إذا صدر من بليغ يدلّ على أنّ في التّقديم سرّا ، إذ البليغ لا يقدم على خلاف ما مقتضى الجري الطّبيعيّ من دون نكتة.
(٥) أي الكلام المشتمل على التّقديم لا يدلّ على القصر ابتداء ، بل يدلّ على حسب الذّوق السّليم ، إذ يدرك بالذّوق السّليم أنّ للتّقديم سرّا وملاكا ، ثمّ يدلّ على القصر ، لأنّ سرّ التّقديم ليس إلّا الحصر ، فيكون التّقديم للحصر.
(٦) أي في كون التّقديم مفيدا للحصر.
(٧) لا يقال : إنّ هذه الثّلاثة إذا كانت دلالتها على القصر بالوضع ، لم يكن البحث عنها من وظيفة هذا الفنّ ، لأنّه باحث عن الخصوصيّات والمزايا الزّائدة على المعاني الوضعيّة.
لأنّا نقول : إنّ هذه الثّلاثة وإن كانت دلالتها على الحصر بالوضع إلّا أنّ أحوال القصر من كونه قلبا أو تعيينا أو إفرادا ، إنّما تستفاد منها بمعونة المقام ، وهي المقصودة في هذا العلم