غيره ، سواء كان ذلك الغير كريما ، أو غير كريم ، [ويجامع] أي النّفي بلا العاطفة [الأخيرين] أي إنّما ، والتّقديم (١) [فيقال : إنّما أنا تميميّ لا قيسيّ وهو يأتيني (٢) لا عمرو ، لأنّ (٣) النّفي فيهما] أي في الأخيرين [غير مصرّح به (٤)] كما في النّفي والاستثناء ، فلا يكون المنفيّ بلا لعاطفة منفيّا بغيرها من أدوات النّفي ، وهذا (٥) [كما
______________________________________________________
(١) نسب إلى الشّارح في شرح المفتاح ما هذا لفظه : إن عند اجتماع طرفين أو أكثر إلى أيّهما ينسب إفادة القصر. إلى الأسبق أو الأقوى ، ففي مثل إنّما جاءني زيد لا عمرو ، وإنّما أنا تميميّ لا قيسيّ إلى إنّما ، وفي مثل زيدا ضربت لا عمرا ، وإنّما زيدا ضربت ، وإنّما تميميّ أنا ، إلى التّقديم حتّى يكون المقصور عليه زيدا ، وتميميّ ، انتهى.
إنّ ما ذكره الشّارح مجرّد تخمين وخيال لا أساس له ، إذ لا وجه لجعل التّقديم أقوى من العطف ، وإنّما مع أنّ دلالتهما على القصر ، ودلالته عليه بالفحوى ، وقد اعترف الشّارح أيضا بكون التّقديم أضعف الطّرق ، فالصّحيح في المقام أن يقال : إنّه إذا جامعت لا العاطفة ، وإنّما والتّقديم كان الحصر مستندا إليهما لتقدّمهما ، وكانت العاطفة مؤكّدة لذلك القصر ، وإذا كان في الكلام التّقديم مع إنّما يسند القصر أيضا إليهما ، لأنّ التّقديم وإن كان أضعف الطّرق ، إلّا أنّ إفادته القصر تكون في عرض إفادة إنّما له لا في طولها ، فلا وجه لجعله مؤكّدا لإنّما.
(٢) والتّمثيل بنحو : زيدا ضربت لا عمرا ، أحسن وأفضل ، وذلك لاحتمال أن يقال : وهو يأتيني ، من باب التّقوّي دون التّخصيص ، إذ قد عرفت في بحث المسند إليه أنّ نحو : أنا سعيت قد يجيء للتّقوّي ، وقد يجيء للتّخصيص.
(٣) علّة لصحّة مجامعة لا العاطفة مع الأخيرين.
(٤) وإنّما المصرّح بهما هو الإثبات والنّفي ضمنيّ ، فلم يقبح حينئذ النّفي بلا العاطفة.
وبعبارة أخرى : وممّا يدلّ على أنّ النّفي الضمنيّ ليس كالتّصريح أنّه يقال : امتنع زيد عن المجيء لا عمرو ، فيعطف على فاعل امتنع بلا ، فيفيد الكلام حصر الامتناع في زيد دون عمرو بواسطة العطف بلا ، وصحّ ذلك لأنّ صريح امتنع زيد إيجاب الامتناع ، فلا يفيد نفي ذلك الإيجاب ، وأمّا نفي المجيء فهو ضمنيّ فجاز العطف بلا ، لكون النّفي في امتنع ضمنيّا ، ولو صرّح به لهذا المعنى. وقيل : لم يجئ زيد لم يصحّ أن يقال : لا عمرو ، لأنّه نفي للنّفي ، فيكون إثباتا ، ووضع لا للنّفي لا الإثبات.
(٥) أي ما ذكرنا من المثالين ، مثل هذا المثال في مجامعة لا مع النّفي الضّمنيّ ، وإن كان