يقال : امتنع زيد عن المجيء لا عمرو] فإنّه يدلّ على نفي المجيء عن زيد ، لكن لا صريحا بل ضمنا ، وإنّما معناه الصّريح إيجاب امتناع (١) المجيء عن زيد ، فتكون لا نفيا لذلك الإيجاب ، والتّشبيه (٢) بقوله : امتنع زيد عن المجيء لا عمرو ، من جهة أنّ النّفي الضّمنيّ ليس في حكم النّفي الصّريح ، لا من جهة أنّ المنفيّ بلا العاطفة منفيّ قبلها بالنّفي الضّمنيّ ، كما في : إنّما أنا تميميّ لا قيسيّ ، إذ لا دلالة لقولنا : امتنع زيد عن المجيء على نفي امتناع مجيء عمرو لا ضمنا ، ولا صريحا. قال [السّكّاكي : شرط مجامعته] أي مجامعة النّفي بلا العاطفة [الثّالث] أي إنّما [أن لا يكون الوصف مختصّا بالموصوف (٣)]
______________________________________________________
النّفي الضّمنيّ في المثالين منصبّا على المنفيّ بلا ، وفي هذا المثال منصبّا على ما قبلها لا على منفيّها ، فحيث إنّ المشبّه به جائز بلا شكّ ، فكذلك المشبّه لعدم الفرق بينهما إلّا في الخصوصيّة المذكورة وهي لا توجب الميز من جهة الجواز وعدمه.
(١) ولا شكّ أنّ امتناع زيد عن المجيء يتضمّن نفي المجيء عنه.
(٢) جواب عن سؤال مقدّر ، وهو أن يقال : لا مناسبة بين أنا تميميّ لا قيسيّ ، وبين قوله : «امتنع زيد عن المجيء لا عمرو» حتّى تثبت المشابهة ، والمناسبة شرط للتّشبيه ، فأجاب بقوله : «والتّشبيه» في أنّ النّفي الضّمنيّ فيهما ليس في حكم النّفي الصّريح في كونه مانعا عن العطف بلا.
نعم ، الفرق بينهما أنّ قوله : إنّما أنا تميميّ ، ينفي كونه قيسيّا ، ولا يدلّ قوله : «امتنع زيد عن المجيء» على نفي امتناع مجيء عمرو.
(٣) أي لا يكون الوصف الّذي أريد حصره في الموصوف بإنّما مختصّا بذلك الموصوف ، وذلك كما في قولك : إنّما تميميّ أنا ، فإنّ التّميميّة لا يجب اختصاصها بالمتكلّم ، هذا شرط بالنّسبة لقصر الصّفة ، ويقاس عليه قصر الموصوف على الصّفة ، فيقال : شرط مجامعة النّفي بلا العاطفة لإنّما أن لا يكون الموصوف مختصّا بتلك الصّفة ، فلا يجوز أو لا يحسن أن يقال : إنّما المتّقي متّبع مناهج السّنّة لا البدعة ، لاختصاص الموصوف بتلك الصّفة ، وكذا لا يقال : إنّما الزّمن قاعد لا قائم لاختصاص الزّمن بالقعود.
فإن القصر لا يكون إلّا عند الاختصاص ، فكيف يشترط عدم الاختصاص في مجامعته لإنّما ، مع أنّ القصر لا يتحقّق إلّا عند الاختصاص.