وعلى هذا (١) يكون موافقا لما في المفتاح [كقولك لصاحبك ، وقد رأيت شبحا من بعيد (٢) : ما هو إلّا زيد (٣) ، إذا اعتقده غيره] أي إذا اعتقد صاحبك ذلك الشّيخ غير زيد (٤) [مصرّا] على هذا الاعتقاد (٥) [وقد ينزّل المعلوم (٦) منزلة المجهول لاعتبار مناسب (٧) فيستعمل له] أي لذلك المعلوم [الثّاني] أي النّفي والاستثناء [إفرادا] أي (٨) حال كونه قصر إفراد [نحو : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ)(١) (٩) أي مقصور على
______________________________________________________
(١) أي على التّوجيه المذكور يكون ما في دلائل الإعجاز موافقا لما في المفتاح.
(٢) تمثيل للأصل الثّاني ، أعني النّفي والاستثناء ، ثمّ الشّبح بسكون الباء وفتحها ما يعرف وينظر بالعين كالإنسان والإبل والغنم وسائر المواشي «من بعيد» أي من مكان بعيد أتى به ، لأنّ شأن البعيد أن يجهل وينكر.
(٣) أي مقول لقولك ، أي قولك : ما هو إلّا زيد.
(٤) بأن اعتقد أنّه عمرو ، فيكون القصر في المثال حينئذ قصر قلب.
(٥) أي فهذا المثال قد تحقّق فيه الجهل والإنكار فيما من شأنه أن يجهل وينكر لبعد مضمونه ، وهذا الجهل لا يزول إلّا بتأكيد ، فاستعملت فيه ما وإلّا على أصلهما.
(٦) أي الحكم الّذي هو معلوم «منزلة المجهول» أي الحكم الّذي هو مجهول ومنكر بحيث يحتاج إلى التّأكيد لدفع الإنكار.
(٧) أي هذا التّنزيل لأجل أمر معتبر مناسب للمقام كالإشعار بأنّهم في غاية الاستعظام ، لهلاكه عليه الصّلاة والسّلام في المثال الآتي.
(٨) هذا التّفسير إشارة إلى أنّ قوله : «إفرادا» حال من «الثّاني».
(٩) الآية هكذا : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ).
سبب نزول هذه الآية :
أنّه لما أرجف بأنّ النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد قتل يوم أحد وأشيع ذلك ، قال النّاس لو كان نبيّا لما قتل ، وقال آخرون : نقاتل على ما قاتل عليه حتّى نلحق به ، فأنزل الله سبحانه هذه الآية ردّا على من زعم أنّه لو كان نبيّا لما قتل ، فقال : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) يعني أنّه بشر
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٤٤.