وتصدير (١) الكلام بحرف التّنبيه الدّالّ على أنّ مضمون الكلام ممّا له (٢) خطر ، وبه (٣) عناية ، ثمّ التّأكيد بإنّ (٤) ، ثمّ تعقيبه (٥) بما يدلّ على التّقريع (٦) والتّوبيخ ، وهو قوله : (وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) (٧) [ومزيّة (٨) إنّما على العطف (٩) أنّه يعقل منها] أي من إنّما [الحكمان] أعني الإثبات للمذكور ، والنّفي عمّا عداه [معا] بخلاف العطف ، فإنّه يفهم منه أوّلا الإثبات ثمّ النّفي ، نحو : زيد قائم لا قاعد ، وبالعكس
______________________________________________________
(١) أي ومنها تصدير الكلام بحرف التّنبيه ، أي ألا الاستفتاحيّة ، لأنّ تصدير الكلام بحرف التّنبيه من المؤكّدات.
(٢) أي لمضمون الكلام خطر ، أي له عظمة ، والوجه في أنّه ممّا له خطر ، لأنّ العلم بإفسادهم منبع الخيرات ، ومبدأ دفع مضرّات المتوجّهة إلى المسلمين منهم.
(٣) أي بمضمون الكلام عناية ، أي اهتمام ، فهو من عطف المسبّب على السّبب ، حيث إنّ كون الشّيء ممّا له خطر يوجب الاهتمام به ، فحيث إنّ التّصدير المذكور يشعر بذلك يكون من المؤكّدات.
(٤) أي التّأكيد بلفظ في قوله : (إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ).
(٥) أي تعقيب الكلام ، قوله : «تعقيبه» بالجرّ عطف على «تصدير» ، وقيل : على «إيراد الجملة الاسميّة».
(٦) أي اللّوم ، ثمّ عطف «التّوبيخ» على «التّقريع» عطف تفسيريّ.
(٧) إنّما كان هذا يدلّ على التّقريع والتّوبيخ لإفادته أنّهم من جملة الموتى الّذين لا شعور لهم ، وإلّا لأدركوا إفسادهم بلا تأمّل.
(٨) أي فضيلة إنّما ، وشرفها على العطف.
(٩) أي خصّ العطف بالذّكر ، لأنّ هذه المزيّة ثابتة للتّقديم وللنّفي والاستثناء ، إذ كلّ منهما يتعقّل منه الحكمان ، أي الإثبات والنّفي معا ، أمّا كون التّقديم كذلك ، فالوجه فيه واضح.
وأمّا كون النّفي والاستثناء كذلك ، فلأنّ النّفي فيه وإن كان مفهوما قبل الإثبات إلّا أنّه نفي مطلق ليس عدلا للإثبات ، وما هو عدل له نفي ما عدا المخرج ، ولا ريب أنّ هذا يستفاد عند ذكر المستثنى ، كما أنّ الإثبات كذلك ، فلذلك لم يتعرّض لهما المصنّف ، وخصّ العطف بالذّكر ، وبالجملة إنّ مزيّة إنّما على العطف بلا وغيرها ممّا يفيد الحصر ثابتة بأنّها يعقل