فإنّه تعريض بأنّ الكفّار من فرط (١) جهلهم كالبهائم فطمع النّظر] أي التّأمّل (٢) [منهم كطمعه منها (٣)] أي كطمع النّظر من البهائم.
[ثمّ القصر كما يقع بين المبتدأ والخبر على ما مرّ (٤) يقع بين الفعل والفاعل ، نحو : ما قام إلّا زيد (٥) ، وغيرهما] كالفاعل والمفعول نحو : ما ضرب زيد إلّا عمرا (٦) ، وما ضرب عمرا إلّا زيد (٧) والمفعولين نحو : ما أعطيت زيدا إلّا درهما (٨) ، وما أعطيت درهما إلّا زيدا ، وغير ذلك من المتعلّقات (٩).
______________________________________________________
(١) أي تناهي جهلهم.
(٢) أي تفسير النّظر بتأمّل إشارة إلى أنّه ليس بمعنى الرّؤية بالعين الباصرة ، بل إنّه بمعنى التّأمل والتّدبّر في الأمور المعقولة.
(٣) أي البهائم ، أي ما يصل إليه النّظر منهم هو ما يصل إليه من البهائم ، فكما أنّ النّظر لا يطمع أحد أن يصدر من البهائم فلا يطمع أحد أن يصدر من الكفّار.
(٤) أي ما مرّ في هذا الباب ، فإنّ الأمثلة المذكورة أكثرها كان من قبيل قصر المبتدأ على الخبر ، وإن كان بعضها من قبيل قصر الفعل على الفاعل ، كما في قوله تعالى : (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) ويحتمل ضعيفا أن يكون المراد من قوله : «ما مرّ» من كونه إضافيّا أو حقيقيّا ، وكونه قصر موصوف على الصّفة أو العكس.
(٥) هذا مثال لقصر الفعل على الفاعل ، ولا يتعدّاه إلى غيره.
(٦) مثال لقصر الفاعل في المفعول ، بمعنى أنّ الضّرب من جهة الوقوع على مفعول قصر على عمرو.
(٧) مثال لقصر المفعول على الفاعل ، بمعنى أنّ الضّرب الواقع على عمرو من ناحية الصّدور عن فاعل قد قصّر على زيد.
(٨) مثال لقصر المفعول الأوّل في المفعول الثّاني ، والمثال الثّاني بالعكس.
(٩) أي كالحال والتّمييز ونحوهما سوى المفعول معه ، لأنّ المفعول معه لا يجيء بعد إلّا ، ف لا يقال : لا تمش إلّا وزيدا. ومثال الحال فتقول في قصرها على صاحبها : ما جاء راكبا إلّا زيد ، وفي عكسه ما جاء زيد إلّا راكبا ، ومعنى الأوّل ما صاحب المجيء مع الرّكوب إلّا زيد ، ومعنى الثّاني ما زيد إلّا صاحب المجيء راكبا ، فالأوّل من قصر الصّفة ، والثّاني من قصر