والأظهر أنّ المراد (١) ههنا هو الثّاني بقرينة تقسيمه إلى الطّلب وغير الطّلب (٢) ، وتقسيم الطّلب إلى التّمنّي والاستفهام وغيرهما ، والمراد بها (٣) معانيها المصدريّة لا الكلام المشتمل عليها (٤) بقرينة قوله : واللّفظ الموضوع له كذا وكذا ، لظهور أنّ لفظ
______________________________________________________
الكلام الخبريّ الّذي لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه ، وقد يطلق على إلقاء المتكلّم له.
(١) أي مراد المصنّف من الإنشاء الاصطلاحيّ هو المعنى الثّاني ، أي فعل المتكلّم لا الأوّل ، أي الكلام الّذي ليس لنسبته خارج ، فمحصّله أنّ في كلام المصنّف استخداما حيث ذكر الإنشاء أوّلا بمعنى الألفاظ المخصوصة الدّالّة على المعاني المخصوصة ، ثمّ أعاد عليه الضّمير بمعنى آخر ، وهو فعل المتكلّم أعني إلقاء الكلام الإنشائيّ والتلفّظ به ، ثمّ الدّليل على ذلك هو التّقسيم ، وحاصله إنّ المصنّف قسّم الإنشاء إلى الطّلبي وغيره ، وقسّم الطّلبي إلى الأمر والنّهي والدّعاء والتّمنّي والاستفهام والمراد بها المعاني المصدريّة بقرينة أنّه بيّن بعد ذلك اللّفظ الموضوع له ليت ، وهمزة وهل وغيرها ، ومعلوم أنّ تلك الألفاظ موضوعة بإزاء المعاني المصدريّة لا الكلام المخصوص ، فمن هنا نستكشف أنّ المراد بالمقسم هو المعنى المصدريّ ، أي الإلقاء المذكور لئلّا يلزم تقسيم الشّيء إلى غير أقسامه ، وذلك لاعتبار المقسم في جميع الأقسام.
(٢) والفرق بين الطّلب وغيره هو الإنشاء الطّلبي ما يستدعي مطلوبا ، وغير الطّلبي كالمدح والذّمّ لا يستدعي مطلوبا.
(٣) أي بالتّمنّي والاستفهام وغيرهما كالأمر والنّهي معانيها المصدريّة أعني الإلقاءات التمنّي بالمعنى المصدري. إلقاء عبارة التّمنّي والاستفهام كذلك هو إلقاء عبارة الاستفهام ، وهكذا.
(٤) أي على أدواتها ، والحاصل إنّ التّمنّي والاستفهام وغيرهما تطلق على إلقاءات التّراكيب المخصوصة ، كما تطلق على الأحوال القلبيّة كطلب الأمر المحبوب في التّمنّي وطلب الفهم في الاستفهام ، وهكذا.