والنّكتة (١) في التّمنّي بهل ، والعدول عن ليت هي إبراز المتمنّى لكمال العناية به في صورة الممكن الّذي لا جزم بانتفائه (٢) [و] قد يتمنّى [بلو (٣) ، نحو : لو تأتيني فتحدّثني (٤)
______________________________________________________
إن إنّ هذا إنّما يفيد عدم صحّة حمل هل على الاستفهام ، وأمّا حمله على خصوص التّمنّي فيفتقر إلى قرينة أخرى معيّنة له ، ولا تكفي الصّارفة ، فإنّ مثل هذا الكلام يقال عند العلم بنفي الشّفيع لمجرّد التّحسّر والتّحزّن من دون طلب حصوله ألا ترى أنّه يقال : ما أعظم الحزن لنفي الشّفيع.
لمّا كان الكلام في التّحسّر والتّحزّن على نفي الشّيء الّذي لا يطمع فيه الآن ، ولا في المستقبل يستلزم كون الموصوف بذلك يتمنّى ما فات ، وإلّا لم يتحزّن عليه كان ذلك الكلام تمنّيّا بحسب دلالته الالتزاميّة ، فلا يوجد مورد كان الكلام فيه لمجرّد التّحزّن ، ولم يكن فيه التّمنّي ، فإذا لا حاجة إلى القرينة المعيّنة بل يكفي وجود القرينة الصّارفة.
(١) بيان لنكتة التّمنّي بهل ، هي إبراز المتكلّم المتمنّى» لكمال العناية به» أي بالمتمنّى ، بالفتح ، أي لإظهار الرّغبة فيه إبرازه في صورة الممكن ، الظّرف متعلّق ب» إبراز».
(٢) أي بانتفاء المتمنّى بالفتح ، فإنّ الاستفهام مستلزم لأن يكون المستفهم عنه ممكنا ، وغير مجزوم انتفاؤه بخلاف التّمنّي فإنّه لا يستلزم أن يكون المتمنّى ممكنا وغير مجزوم بانتفائه ، لو لازم ذلك كون استعمال هل في التّمنّي مشعرا بأنّ المتمنّى بالكسر له عناية بالمتمنّى بالفتح في عدّه بمنزلة المستفهم عنه الّذي لا جزم بانتفائه دائما.
(٣) أي على طريق الاستعارة التّبعيّة ، بأن شبّه في النّفس التّمنّي المطلق بمطلق تعليق الامتناع بجامع مطلق الامتناع في كلّ ، ويستتبع هذا التّشبيه تشبيه الجزئيّات بالجزئيّات ، ثمّ استعمل لو الّذي هو موضوع للتّعليق الجزئيّ في التّمنّي الجزئيّ ، فهذا يسمّى استعارة لكونه مبتنيا على علاقة المشابهة ، وتبعيّة لكون التّشبيه غير جار في الجزأين بالأصالة ، بل بالتّبع ، ثمّ إنّه لم يتعرّض الشّارح نكتة العدول عن التّمنّي بليت إلى التّمنّي بلو ، لعدم ظهورها ، ويمكن أن يقال : إنّ النّكتة فيه الإشعار بعزّة المتمنّى حيث أبرزه في صور ما لم يوجد ، لأنّ لو بحسب أصلها حرف امتناع لامتناع.
(٤) أي ليتك تأتيني فتحدّثني.