بالنّصب (١)] على تقدير ، فإن تحدّثني ، فإنّ النّصب قرينة (٢) على أنّ لو ليست على أصلها ، إذ لا ينصب المضارع بعدها بإضمار أن ، وإنّما يضمر بعد الأشياء السّتّة (٣) ، والمناسب (٤) ههنا هو التّمنّي. قال [السّكّاكي (٥) : كأنّ حروف التّنديم والتّحضيض (٦) ،
______________________________________________________
(١) أي بنصب تحدّثني بأن مضمرة بعد الفاء في جواب التّمنّي ، وأمّا تأتيني فهو مرفوع بضمّة مقدّرة على الياء للثّقل والفعل المنصوب في تأويل مصدر معطوف على مصدر متوهّم ، والمعنى أتمنّى إتيانا منك فتحديثك لي ، وسمّي ما بعد الفاء جوابا ، والحال أنّه في تأويل مفرد نظرا لمعنى الكلام ، لأنّ المعنى إن وقع منك إتيان فإنّه يقع تحديث ، فقد تضمّن الكلام جواب شرط اقتضاه المعنى.
(٢) أي قرينة لفظيّة» على أنّ لو ليست على أصلها» وهو تعليق الامتناع بالامتناع ، أي امتناع الثّاني لامتناع الأوّل ، بل على خلاف أصلها ، وهو التّمنّي.
(٣) وهي الاستفهام والتّمنّي والعرض ودخل فيه التّخصيص لقربه منه والأمر والنّهي والنّفي.
(٤) جواب عن سؤال مقدّر ، تقريره إنّ النّصب قرينة على مجرّد أنّ لو ليست على أصلها ، بل إنّما هي بمعنى أحد من الأشياء السّتّة ، فحينئذ يحتاج حملها على التّمنّي إلى قرينة معيّنة وهي مفقودة.
وحاصل الجواب : إنّ الأمر وإن كان كذلك ، أي النّصب إنّما يدلّ على أنّ لو بمعنى أحد من الأشياء السّتّة ، ولا يعيّن شيء منها ، إلّا أنّ هنا خصوصيّة تستدعي أن تكون بمعنى التّمنّي وهي أنّ لو في الأصل لتعليق امتناع بامتناع ، والتّمنّي غالبا يتعلّق بالممنوع ، فبينهما كمال المناسبة والملاءمة بخلاف غير التّمنّي ، فهذه المناسبة قرينة معيّنة على أنّها للتّمنّي.
(٥) جواب عن سؤال مقدّر ، تقريره : إنّ قوله : «واللّفظ الموضوع له ، ليت» غير صحيح ، فإنّ حروف التّنديم والتّحضيض تفيد معنى التّمنّي. وحاصل الجواب : بأنّ ذلك ليس بحسب الوضع ، بل بالتّولّد من لو وهل ، لكن بطريق اللّزوم عند التّركيب مع ما ولا المزيدتين بخلاف ما إذا كانت مفردتين ، فإنّ ذلك بطريق الجواز.
(٦) أي إنّما سمّيت هذه الحروف بحروف التّنديم والتّحضيض ، لأنّها إذا دخلت على الفعل الماضي ، نحو : هلّا أكرمت زيدا ، أفادت جعل المخاطب نادما على ترك الفعل ، وإذا دخلت