مع أنّه (١) قبيح بإجماع النّحاة ، وفيه (٢) نظر ، لأنّ ما ذكره من اللّزوم ممنوع لجواز أن يقبح لعلّة أخرى. [وعلّل غيره] أي غير السّكّاكي [قبحهما] أي قبح هل رجل عرف ، وهل زيد عرف [بأنّ (٣) هل بمعنى قد في الأصل] وأصله أهل [وترك الهمزة قبلها (٤) لكثرة وقوعها في الاستفهام] فأقيمت (٥) هي مقام الهمزة ، وتطفّلت (٦) عليها في
______________________________________________________
(١) أي ما يلزمه ـ من عدم قبح هل زيد عرف ـ ، قبيح بإجماع النّحاة ، ووجه قبحه الفصل بين هل والفعل بالاسم مع أنّها إذا رأت الفعل في حيّزها لا ترضى إلّا بمعانقته وعدم الانفصال عنه ، لأنّها في الأصل بمعنى قد ، وقد من خواصّ الفعل ، وكذا ما بمعناها.
(٢) هذا جواب عن اعتراض على السّكّاكي ، أي في هذا اللّزوم الّذي ذكره المصنّف نظر ، وحاصله : إنّه لا يلزم على السّكّاكي من أجل التزامه بقبح هل رجل عرف ، للوجه المذكور أن لا يلتزم بقبح هل زيد عرف ، لأنّ انتفاء علّة واحدة من القبح لا يوجب انتفاء جميع علله ، فلا يجب عليه أن يقول بحسن هذا التّركيب ، لانتفاء ما ذكره من العلّة فيه ، لجواز أن يكون قبيحا عنده لسبب آخر ، ككون هل بمعنى قد ، أو ندرة دخول هل على الاسم إلّا عند الاضطرار.
نعم ، يلزم عليه أن لا يكون هذا المثال قبيحا عنده من أجل العلّة المذكورة ، وأين هذا من لزوم التزام عدم القبح أصلا ، كما يدّعيه المصنّف ، إلّا أن يقال : إنّ الظّاهر من المصنّف انحصار علّة القبح بالوجه المذكور.
(٣) أي علّل غيره قبحهما بعلّة أخرى غير ما علّل بها السّكّاكي ، وهي أنّ هل دائما بمعنى قد في استعمالها الأصليّ ، والاستفهام مأخوذ من همزة مقدّرة قبلها ، فأصل هل عرف زيد ، أهل عرف زيد ، بإدخال همزة الاستفهام على هل الّتي بمعنى قد ، فكأنّه قيل أقد عرف زيد ، وقول الشّارح : وأصله أهل إشارة إلى ذلك.
(٤) أي قبل هل لكثرة وقوع هل في الاستفهام ، أي في الكلام الّذي أريد به الاستفهام ، ثمّ إنّه أتى بلفظ الكثرة للإشارة إلى أنّها قد تقع في غير الاستفهام أيضا.
(٥) أي أقيمت هل مقام الهمزة الاستفهاميّة في إفادة الاستفهام.
(٦) أي تابعت هل على الهمزة في إفادة الاستفهام. والتّطفّل : هو الرّجل الّذي تخلّق بأخلاق الأطفال ، وصار طفيليّا ، والطّفيليّ هو الّذي يدخل وليمة ، ولم يدع إليها ، وهو منسوب إلى طفيل ، وهو رجل كوفيّ كان يأتي الولائم من غير أن يدعى إليها ، كما في أقرب الموارد.