الّذي يقصد به الدّلالة على الثّبوت وإبراز ما سيوجد في معرض الموجود [وهي] أي هل [قسمان : بسيطة (١) وهي الّتي يطلب بها وجود الشّيء] أو لا وجوده [كقولنا : هل الحركة موجودة] أو لا موجودة [ومركّبة وهي الّتي يطلب بها وجود شيء لشيء] أو لا وجوده له [كقولنا : هل الحركة دائمة] أو لا دائمة.
______________________________________________________
استمرار انطلاق زيد ، وكان الكلام مخرجا على خلاف مقتضى الظّاهر ، وهذا من فنّ البلاغة لإحاطة علمه بما تقتضيه هل من الفعل ، بخلاف ما إذا صدر من غير البليغ لأنّ استعمال اللّفظ في غير موضعه إنّما يكون عن جهل لا عن نظر إلى معنى لطيف ، فيكون هذا القول منه قبيحا ، وعلى فرض أن يقصد نكتة ، فلا اعتداد بقصده لانتفاء بلاغته.
(١) يطلق البسيط على ما لا جزء له خارجا فقطّ كالجوهر الفرد أو لا ذهنا ولا خارجا ، كالله سبحانه ، فإنّه لا ماهية له حتّى يكون له جنس وفصل ، فلا جزء له ذهنا ، كما أنّه لا جزء له خارجا ، ويطلق البسيط على ما يكون أقلّ أجزاء بالنّسبة إلى غيره المقابل له ، والبساطة بهذا المعنى أمر نسبيّ ، وهو المراد هنا ، فإنّ هل البسيطة بسيطة بالقياس إلى المركّبة ، وإلّا فهي في الحقيقة مركّبة.
بيان ذلك : إنّ في حيّزها في قولنا : هل الحركة موجودة ، ثلاثة أشياء : الحركة ، والوجود الرّابط ، والوجود المحمول ، ولكنّ الأخيرين بما أنّهما متناسخين ، ولا فرق بينهما في الظّاهر عدّا بمنزلة شيء واحد ، فبهذا الاعتبار يصبح ما في حيّزها شيئان ، فتكون بسيطة بالقياس إلى المركّبة ، لأنّ المركّبة تكون في حيّزها ثلاثة أشياء ، وممّا ذكرنا ظهر أنّ توصيف هل بالبساطة والتّركيب هنا باعتبار مدخولها ، فقوله : «بسيطة هيي الّتي يطلب بها وجود الشّيء» أي التّصديق بوقوع وجود الشّيء ليوافق ما مرّ من أنّ هل لطلب التّصديق بحيث يكون الوجود محمولا على مدخولها ، كما في هل زيد موجود ، وهل النّار موجودة ، قوله : «هل الحركة موجودة» يقال هذا بعد معرفة الحركة المطلقة ، وهي خروج الجسم من حيّز إلى حيّز ، وقوله : «موجودة» أي ثابتة في الخارج ومتحقّقة فيه ، وقوله : «أو لا موجودة» أي غير ثابتة فيه ، بل هي أمر اعتباريّ وهميّ.
وقوله : «يطلب بها وجود شيء لشيء» أي ثبوته ونسبته له ، وليس المراد به التّحقّق ، كما كان في الأوّل ، فالمراد بالوجود هنا الثّبوت الّذي هو النّسبة بخلافه في الأولى ، فإنّ المراد به