أثبت للمسند إليه المعبّر عنه باسم الإشارة [أو التّهكّم (١)] عطف (٢) على كمال العناية [بالسّامع كما إذا كان] السّامع (فاقد البصر) أو لا يكون ثمّة (٣) مشار إليه أصلا
______________________________________________________
مرزوقا ، والحكم البديع المختصّ به ، أي الثّابت له هو جعل الأوهام حائرة ، والعالم زنديقا ، والمغايرة بينهما كالشّمس في رائعة النّهار.
(١) قال جار الله : هو الاستهزاء ، وأصله من التّهكّم مقلوب منه ، لأنّه من تهكّمه أي جعله كهّاما.
(٢) أي لا على اختصاصه ، ولا على العناية ، ولم يجعل عطفا على اختصاصه بحكم بديع ليكون من أسباب كمال العناية ، فيوافق كلام المفتاح ، مع أنّه الأقرب ، لئلّا يرد عليه أنّ قصد التّهكّم بالسّامع لا يقتضي كمال العناية بالتّمييز ، بل يقتضي اسم الإشارة سواء قصد به كمال العناية بتمييز أم لا. لأنّ عطفه على قوله : «لاختصاصه» يفيد أنّ التّهكّم بمن لا بصر له يقتضي كمال العناية بتمييز المسند إليه ، كما أنّ اختصاصه بحكم بديع يقتضي ذلك ، وليس الأمر كذلك.
ففي كلام الشّارح حيث عطف التّهكّم على كمال العناية دون غيره تعريض بصاحب المفتاح حيث جعل التّهكّم داخلا تحت كمال العناية مقابلا للاختصاص بالحكم البديع. فإنّه قال : إذا كملت العناية بتمييزه إمّا لأنّه اختصّ بحكم بديع عجيب الشّأن وإمّا لأنّه قصد التّهكّم بالسّامع ، ولم يجعل عطفا على العناية أيضا ، لأنّ المقصود هو التّهكّم لا كمال التّهكّم.
فمعنى العبارة على العطف على كمال العناية ، إنّ المظهر الّذي وضع موضع المضمر إن كان اسم الإشارة فلكمال العناية ، أو التّهكّم بالسّامع والسّخريّة عليه ، كما لو قال الأعمى : من ضربني؟ فقلت له : هذا ضربك ، فكان مقتضى الظّاهر أن يقال له : هو زيد ، لتقدّم المرجع في السّؤال ، لكنّه عدل عن مقتضى الظّاهر وأتى بالاسم الظّاهر أعني اسم الإشارة محلّ الضّمير للتهكّم والاستهزاء بذلك الأعمى ، حيث عبّرت له باسم الإشارة الّذي هو موضوع للمحسوس بحاسّة البصر فنزّلته منزلة البصير تهكّما به.
(٣) أي في موضع الإتيان باسم الإشارة «مشار إليه» محسوس «أصلا» سواء كان السّامع فاقد البصر أو بصيرا ، كما إذا قال لك البصير : من ضربني؟ ف هذا ضربك مشيرا إلى أمر عدميّ كالخلاء ، فالمنفيّ هو المشار إليه المحسوس لا المشار إليه مطلقا ، وإنّما كان الإتيان