[أو (١) النّداء على كمال بلادته] أي بلادة السّامع بأنّه لا يدرك غير المحسوس [أو (٢)] على كمال [فطانته] بأنّ غير المحسوس عنده بمنزلة المحسوس [أو ادّعاء كمال ظهوره (٣)] أي ظهور المسند إليه (٤)
______________________________________________________
باسم الإشارة مفيدا للتّهكّم والاستهزاء ، لأنّ الإشارة إلى الأمر العدميّ بما يشار به إلى المشاهد المحسوس يدلّ على عدم الاعتناء بذلك السّامع ، ثمّ كون المشار إليه غير محسوس وغير حاضر لا ينافي كون المقام مقام الإضمار ، وذلك لتقدّم المرجع في السّؤال.
فلا يرد ما يقال : من أنّه إذا لم يكن ثمّة مشار إليه أصلا ، لم يكن ثمّة مرجع للضّمير ، فلا يكون المقام مقام الإضمار لتوقّفه على المرجع ، فلا يصحّ جعل ذلك ممّا وضع الظّاهر موضع المضمر.
(١) أي التّنبيه والإعلام على بلادة السّامع فقوله : «النّداء» بمعنى الإعلام على التّهكّم ، فمعنى العبارة أنّه يوضع اسم الإشارة موضع المضمر لأجل الإعلام على كمال بلادة السّامع ، لأنّ في اسم الإشارة الّذي أصله أن يكون لمحسوس إشارة وإيماء إلى أنّ السّامع لا يدرك إلّا المحسوس ، فإذا قال قائل : من عالم البلد؟ فقيل له : ذلك زيد ، كان ذلك القول مكان هو زيد ، للإشارة إلى كمال بلادة السّامع ، فالإتيان باسم الإشارة خلاف مقتضى الظّاهر ، وفي العدول إليه تنبيه على كمال بلادة ذلك السّائل بأنّه لا يدرك غير المحسوس ، فكان المقام مقام الإضمار لتقدّم المرجع أعني عالم البلد في السّؤال.
(٢) أي أو النّداء على كمال فطانة السّامع «بأنّ غير المحسوس عنده بمنزلة المحسوس» فيستعمل اسم الإشارة الّذي أصله للمحسوس في المعنى الغامض كي يكون إيماء وإشارة إلى أنّ السّامع لذكائه صارت المعقولات عنده كالمحسوس ، وذلك كقول المدرّس بعد توضيح مسألة غامضة ، وهذه عند فلان ظاهرة وواضحة ، مدحا له ، فكان مقتضى الظّاهر أن يقول : وهي ظاهرة عند فلان ، لتقدّم المرجع لكنّه عدل عن مقتضى الظّاهر للتنّبيه على كمال فطانة ذلك السّامع وأنّ المعقولات عنده بمنزلة المحسوسات.
(٣) أي يوضع اسم الإشارة مكان المضمر لأجل ادّعاء ظهور المسند إليه كما يقال في المسألة المتنازع فيها : هذه ظاهرة ، مكان هي ظاهرة ، وفي العدول إلى اسم الإشارة مع أنّه على خلاف مقتضى الظّاهر ادّعاء كمال ظهور المسألة.
(٤) أي ظهور المسند إليه عند المتكلّم كأنّه محسوس بالبصر ولو لم يكن ظاهرا في نفسه.