(فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ)(١) (١)] لم يقل عليّ (٢) ، لما في لفظ الله من تقوية الدّاعي (٣) إلى التوكّل عليه لدلالته على ذات موصوفة بالأوصاف الكاملة من القدرة الباهرة وغيرها (٤) [أو الاستعطاف (٥)] أي طلب العطف (٦) والرّحمة (٧) [كقوله (٨) :
إلهي عبدك العاصي أتاكا] |
|
مقرّا بالذّنوب وقد دعاكا |
______________________________________________________
(١) هذه الآية مع ملاحظة مضمونها تأبى عن التّلاؤم مع إدخال الرّوع وتربية المهابة ، لأنّها في صدد بيان جهة التّوكّل ، ومعنى التّوكّل أن يقول العبد بلسان حاله : إلهي أنا لست مستغنيا عن معونتك ، لعلمي بأنّ وراء تدبيري تدبيرك ، فأرجو لطفك في إنجاح ما أروم ـ فقوله تعالى : (فَإِذا عَزَمْتَ) بعد المشاورة وظهور الأمر فتوكّل ـ موجب لتقوية داعي المأمور.
(٢) أي لم يقل : عليّ ، بضمير المتكلّم ، مع أنّ المقام يقتضيه ، لأنّ المقام مقام التّكلّم «لما في لفظ الله من تقوية الدّاعي ...».
(٣) أي داعي النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنّ المأمور بالتّوكّل بعد المشاورة هو النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٤) أي من أوصاف الكمال ، وحاصل الكلام : إنّ في لفظ الله من تقوية داعي النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى التّوكّل عليه لدلالته على ذات موصوفة بالأوصاف الكماليّة ، لأنّ لفظ الجلالة موضوعة للذّات الموصوفة بالقدرة ، وسائر الكمالات ، فتوجب تقوية ذلك الدّاعي بخلاف ضمير المتكلّم ، فإنّه لا يدلّ عليها ، لأنّه موضوع لكلّ متكلّم من حيث هو متكلّم من دون أن يلاحظ فيه صفة من الصّفات زائدة على الذّاتّ.
(٥) أي وضع المظهر موضع المضمر لقصد الاستعطاف.
(٦) أي طلب المتكلّم أن يعطف السّامع عليه.
(٧) عطف تفسيريّ على «العطف».
(٨) أي قول إبراهيم بن أدهم كان من أبناء الملوك فخرج يوما متصيّدا فهتف به هاتف : ألهذا خلقت أم بهذا أمرت ، ثمّ هتف من قربوس سرجه ، والله ما لهذا خلقت ، ولا بهذا أمرت ، فترك ما مضى ودخل البادية ، وتاب إلى الله ، فتكلّم بهذه الأبيات : «إلهي عبدك العاصي أتاكا» أي رجع إليك بالتّوبة «مقرّا بالذّنوب وقد دعاك» أي سألك ، وبعده :
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٥٩.