لم يقل : أنا العاصي (١) ، لما في لفظ عبدك من التّخضّع (٢) واستحقاق الرّحمة وترقّب الشّفقة
الالتفات
[قال السّكّاكي : هذا] أعني (٣) نقل الكلام عن الحكاية إلى الغيبة [غير مختصّ بالمسند إليه ولا] النّقل مطلقا (٤) مختصّ [بهذا القدر] أي بأن يكون عن الحكاية إلى الغيبة ، فلا تخلو العبارة (٥) عن تسامح [بل كلّ من التّكلّم والخطاب والغيبة
______________________________________________________
فإن تغفر فأنت لذلك أهل |
|
وإن تطرد فمن يرحم سواكا |
والشّاهد : في قوله : «عبدك العاصي أتاكا» حيث لم يقل : أنا أتيتك ، أي قصد باب عفوك ، وقيل : إنّ البيت المذكور منسوب إلى علي بن أبي طالب عليهالسلام.
(١) أي فيكون العاصي حينئذ بدلا من ضمير المتكلّم.
(٢) أي كمال الخضوع والخشوع ليس في ضمير المتكلّم ، ثمّ عطف «استحقاق الرّحمة» على «التّخضّع» من قبيل عطف المسبّب على السّبب ، وكذا قوله : «وترقّب الشّفقة».
(٣) التّفسير المذكور «أعني نقل الكلام ...» إشارة إلى أنّ المشار إليه بقوله : «هذا» ما يفهم ضمنا إيراد قوله تعالى : (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) وقوله : «إلهي عبدك العاصي أتاكا» لأنّ هذين المثالين يتضمّنان «نقل الكلام عن الحكاية» أي المتكلّم ، لأنّ المتكلّم يحكي عن نفسه «إلى الغيبة» أي المستفادة من الاسم الظّاهر ، لأنّ الظّواهر عندهم غيب ، فالحاصل إنّ ما ذكر من نقل الكلام عن حكاية نفس المتكلّم أعني ضمير المتكلّم إلى الغيبة المستفادة من الاسم الظّاهر «غير مختصّ بالمسند إليه» بل تارة يكون في المسند إليه كما مرّ في قول الخلفاء : أمير المؤمنين يأمرك بكذا ، مكان أنا آمرك ، وأخرى يكون في غيره ، كما في قوله تعالى :] فتوكّل على الله [مكان فتوكلّ عليّ.
(٤) أي من دون التّقييد بالنّقل عن الحكاية إلى الغيبة ، وإن كان التّقييد ظاهر العبارة ، وهذا وجه التّسامح.
(٥) أي لا تخلو عبارة المصنّف عن تسامح ، إذ ظاهر كلام المصنّف بمنزلة أن يقال : إنّ نقل الكلام عن الحكاية إلى الغيبة غير مختصّ بنقل الكلام عن الحكاية إلى الغيبة.