الالتفات هو التّعبير عن معنى بطريق من] الطّرق [الثّلاثة] التّكلّم والخطاب والغيبة [بعد التّعبير عنه] أي عن ذلك المعنى (١) [بآخر منها] أي بطريق آخر من الطّرق الثّلاثة بشرط أن يكون التّعبير الثّاني على خلاف ما يقتضيه الظّاهر (٢) ويترقّبه (٣) السّامع ، ولا بدّ من هذا القيد (٤) ليخرج مثل قولنا : أنا زيد ، وأنت عمرو (٥) ،
______________________________________________________
مذهب الزّمخشري والسّكّاكي ومن تبعهما ، وعلى الأوّل لا يخلو إمّا أن يشترط أن يكون التّعبيران في كلام واحد أو لا ، الأوّل مذهب بعض النّاس ، وعلى الثّاني لا يخلو إمّا أن يشترط كون المخاطب في التّعبيرين واحدا أو لا ، الأوّل مذهب صدر الأفاضل ، والثّاني مذهب الجمهور.
(١) هذا التّفسير صريح في أنّه لا بدّ من اتّحاد معنى الطّريقين ، والمراد الاتّحاد في المصداق ، فيدخل فيه نحو : أنا زيد ، ويحتاج إلى إخراجه بالقيد الّذي ذكره الشّارح ، وهو قوله : «بشرط أن يكون التّعبير الثّاني على خلاف ما يقتضيه الظّاهر».
(٢) أي ظاهر الحال.
(٣) عطف على قوله : «يقتضيه» ، فمعنى العبارة حينئذ ، بشرط أن يكون التّعبير الثّاني على خلاف ما يقتضيه ظاهر الحال ، وعلى خلاف ما ينتظره السّامع ، إذ ما يترقّبه السّامع هو الطّريق الأوّل لا الثّاني.
(٤) أي من شرط أن يكون التّعبير الثّاني على خلاف ما يقتضيه الظّاهر ، وإنّما تركه المصنّف لفهمه من المقام ، لأنّ كلامه إنّما هو في إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظّاهر.
(٥) وجه خروج أنا زيد ، وأنت عمرو ، عن الالتفات أنّه وإن كان يصدق على كلّ واحد منهما أنّه قد عبّر فيه عن معنى وهو الذّات بطريق الغيبة ، بعد التّعبير عنه بطريق آخر ، وهو التّكلّم في المثال الأوّل ، والخطاب في المثال الثّاني ، إلّا أنّ التّعبير الثّاني ممّا يقضيه ظاهر الكلام والحال ، ويترقّبه السّامع ، لأنّ المتكلّم إذا قال : أنا وأنت يترقّب أن يأت بعده باسم ظاهر خبرا عنه ، لأنّ الإخبار عن الضّمير إنّما يكون بالاسم الظّاهر ، فالإخبار به وإن كان من قبيل الغيبة عن ضمير المتكلّم أو المخاطب إلّا أنّه جار على ظاهر ما يستعمل في الكلام.
والحاصل إنّ التّعبير الثّاني في المثالين ليس على خلاف مقتضى الظّاهر ، ولا على خلاف ما يترقّبه السّامع فقد خرجا بالقيد المذكور في كلام الشّارح.