ومقتضى الظّاهر أرجع ، والتّحقيق (١) إنّ المراد ما لكم لا تعبدون لكن لمّا عبّر عنهم (٢) بطريق التّكلّم كان (٣) مقتضى ظاهر السّوق إجراء باقي الكلام على ذلك الطّريق فعدل عنه إلى طريق الخطاب فيكون التفاتا على المذهبين [و] مثال الالتفات من التّكلّم [إلى الغيبة (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) ومقتضى
______________________________________________________
(١) إشارة إلى جواب اعتراضين واردين ههنا :
الاعتراض الأوّل : إنّ قوله : (تُرْجَعُونَ) ليس خطابا لنفسه ، فكيف يكون التفاتا ، والشّرط فيه أن يكون المعبّر عنه واحدا.
وقد أشار إلى جوابه بقوله : «إنّ المراد ما لكم لا تعبدون» فالمعبّر عنه في الجميع هو المخاطبون ، فالشّرط حاصل.
الاعتراض الثّاني : إنّه لو كان المراد ما ذكر من أنّ المعبّر عنه في الجميع هو المخاطبون لكان قوله : (تُرْجَعُونَ) واردا على مقتضى الظّاهر ، فلا التفات فيه.
وقد أشار إلى جوابه «لكن لمّا عبّر عنهم بطريق التّكلّم كان مقتضى الظّاهر السّوق إجراء باقي الكلام» أي قوله : (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) «على ذلك الطّريق» أي على طريق التّكلّم «فعدل عنه إلى طريق الخطاب» أعني (تُرْجَعُونَ) «فيكون التفاتا على المذهبين» أي السّكّاكي والجمهور.
(٢) أي عن المخاطبين.
(٣) جواب لمّا في قوله : «لمّا عبّر ...».
(٤) لأنّ لفظ ربّ اسم مظهر ، والاسم المظهر ، فيكون الالتفات من التّكلّم ، أي لنا إلى الغيبة ، أي (لِرَبِّكَ) وفائدة هذا الالتفات أنّ في لفظ الرّبّ الحثّ على فعل المأمور به أعني الصّلاة الّتي هي من أفضل العبادات ، لأنّ المربّي الحقيقيّ يستحقّ العبادة.
وبعبارة أخرى : إنّ الصّلاة إنّما هي للرّبّ الخالق الفاطر ، ثمّ المراد ب (الْكَوْثَرَ) الخير الكثير أو نهر في الجنّة يسمّى بالكوثر.