وغاية الخضوع هو معنى العبادة (١) ، وعموم المهمّات مستفاد من حذف مفعول (نَسْتَعِينُ) (٢) والتّخصيص مستفاد من تقديم المفعول ، فاللّطيفة (٣) المختصّ بها موقع هذا الالتفات (٤) هي (٥) أنّ فيه تنبيها على العبد إذا أخذ في القراءة يجب أن تكون قراءته على وجه يجد من نفسه ذلك المحرّك.
الأسلوب الحكيم
ولمّا (٦) انجرّ الكلام إلى ذكر خلاف مقتضى الظّاهر أورد عدّة أقسام منه (٧) ، وإن لم تكن من مباحث المسند إليه ، فقال :
______________________________________________________
(١) قال الرّاغب : العبوديّة هو إظهار التّذلّل ، والعبادة أبلغ لأنّها غاية الخضوع.
(٢) أي حذف مفعوله الثّاني ، أي نستعين في جميع الأمور.
(٣) إشارة إلى أنّ ما ذكره المصنّف قاصر ، لأنّ حاصله إنّ إجراء تلك الصّفات موجب لوجود المحرّك الّذي يوجب أن يخاطب العبد ذلك الحقيق بالحمد ، ولا يفهم نكتة الخطاب الّذي وقع في كلامه تعالى ، فلابدّ من ضمّ مقدّمة ، وهي أنّ العبد مأمور بقراءة الفاتحة ، ففيه تنبيه على أنّ العبد ينبغي أن تكون قراءته بحيث يجد ذلك المحرّك لتكون قراءته بالخطاب واقعة موقعها بأن تكون قراءته مشتملة على وجه وهو حضور القلب والتفاته إلى مستحقّ الحمد.
(٤) أي إيّاك مكان إيّاه.
(٥) أي اللّطيفة «أنّ فيه» أي في هذا الالتفات «تنبيها» أي من الله تعالى «على أنّ العبد إذا أخذ» أي شرع «في القراءة» أي في قراءة الفاتحة «يجب أن تكون قراءته» أي يتأكّد عليه ذلك «على وجه» أي مشتملة على وجه ، وهو حضور القلب «يجد من نفسه ذلك المحرّك» حتّى يكون العبد ممّن يعبد الله كأنّه يراه.
(٦) أشار بهذا الكلام إلى سبب ذكر قوله : «ومن خلاف المقتضي ...» هنا وإن لم يكن من مباحث المسند إليه ، وحاصل الكلام أنّه لمّا كان كلامه في أحوال المسند إليه على مقتضى الظّاهر ، وانجرّ ذلك إلى خلاف مقتضى الظّاهر من المسند إليه أورد عدّة أقسام منه ، وإن لم تكن من المسند إليه.
(٧) أي من خلاف مقتضى الظّاهر.