[ثمّ قال] السّكّاكي (١) [ويقرب من (٢)] قبيل [هو قام ، زيد قائم في التّقوّي لتضمّنه] أي لتضمّن قائم [الضّمير (٣)] مثل قام ، فيحصل للحكم تقوّ ، [وشبّهه] أي شبّه السّكّاكي مثل قائم المتضمّن للضّمير [بالخالي عنه] أي عن الضّمير من جهة [عدم تغيّره في التّكلّم والخطاب والغيبة] نحو : أنا قائم ، وأنت قائم ، وهو قائم ، كما لا يتغيّر الخالي عن الضّمير نحو : أنا رجل ، وأنت رجل ، وهو رجل ، وبهذا الاعتبار (٤) قال ـ يقرب ـ ولم يقل : نظيره. وفي بعض النّسخ وشبّهه بلفظ الاسم مجرورا عطفا على تضمّنه يعني أنّ قوله : يقرب
______________________________________________________
(١) أي قال السّكّاكي في المفتاح ، ولفظ «ثمّ» إنّما لمجرّد التّعقيب في الذّكر.
(٢) اعلم أنّ «من» إذا استعمل مع القرب يكون بمعنى إلى فمعنى العبارة : يقرب إلى هو قام ، زيد قائم في إفادة تقوّي الحكم ، يعني أنّ هو قام فيه تقوّي من غير شبهة ، وزيد قائم فيه تقوّي مع شبهة عدمه ، فيكون الثّاني قريبا من الأوّل في إفادة التّقوّي.
(٣) أي لتضمّن قائم الضّمير الرّاجع إلى زيد تضمّنا مثل تضمّن قام ، فيتقوّى الحكم فيهما بتكرّر الإسناد ، لأنّ القيام مسند إلى الضّمير مرّة ، وإلى زيد مرّة أخرى.
قال السّكّاكي في وجه ذلك : إنّما يقرب ، دون أن نظيره ، لأنّ قائم لمّا لم يتفاوت في الخطاب والحكاية ، أي حكاية نفس المتكلّم والغيبة في أنا قائم ، وأنت قائم ، أشبه الخاليّ عن الضّمير ، وهذا ما أشار إليه المصنّف بقوله : «وشبّهه» أي شبّه السّكّاكي مثل قائم المتضمّن للضّمير «بالخالي عنه» أي عن الضّمير من جهة عدم تغيّره في التّكلّم والخطاب والغيبة ، كما لا يتغيّر الخالي عن الضّمير ، فقوله : «وشبّهه» بصيغة الماضي في قوّة التّعليل لأحد الأمرين اللّذين تضمّنهما قوله : «ويقرب» وهو انحطاط زيد قائم ، في التّقوّي عن هو قام ، كما أنّ قوله : «لتضمّنه» تعليل للأمر الآخر ، وهو أنّ فيه شيئا من التّقوّي.
(٤) أي باعتبار كون قائما كالخالي عن الضّمير لا يتغيّر قال السّكّاكي «يقرب» إلى قام ، ولم يقل نظير قام.
وحاصل الكلام في هذا المقام أنّ قائم المتضمّن للضّمير له جهتان جهة يشبه بها الفعل ، وهي جهة تحمّله للضّمير وجهة بها يشبه الاسم الجامد ، وهي عدم تغيّره في الحالات الثّلاث ، فكأنّه لا ضمير فيه ، فبالجهة الأولى قرب من هو قام ، في تقوّي الحكم ، وبالثّانية بعد عنه ، فلم يكن نظيره ، فلأجل هذا جعله قريبا منه ، ولم يجعله نظيرا له.