مكان يجمع ، وههنا بحث ، وهو أنّ كلا من اسميّ الفاعل والمفعول قد يكون بمعنى الاستقبال وإن لم يكن ذلك بحسب أصل الوضع ، فيكون كلّ منهما ههنا واقعا في موقعه واردا على حسب مقتضى الظّاهر ، والجواب (١) أنّ كلا منهما حقيقة فيما تحقّق فيه وقوع الوصف وقد استعمل ههنا فيما لم يتحقّق مجازا تنبيها على تحقّق وقوعه. [ومنه] أي ومن خلاف مقتضى الظّاهر [القلب (٢)] وهو أن يجعل أحد أجزاء الكلام مكان الآخر ، والآخر مكانه [نحو : عرضت النّاقة على الحوض] مكان عرضت الحوض على النّاقة ، أي أظهرته عليها لتشرب (٣) [وقبله] أي القلب [السّكّاكي مطلقا (٤)] وقال : إنّه ممّا يورث الكلام ملاحة (٥). [وردّه غيره] أي غير السّكّاكي [مطلقا (٦)] لأنّه عكس المطلوب ونقيض المقصود.
______________________________________________________
(١) حاصل الجواب : إنّا لا نسلّم أنّه إذا استعمل أحدهما بمعنى الاستقبال على خلاف الوضع يكون واقعا موقعه ، بل هو واقع على خلاف مقتضى الظّاهر.
(٢) هو نظير العكس في علم المنطق ، والنّسبة بينهما عموم وخصوص مطلق ، لأنّ العكس على ما في المنطق هو تبديل طرفيّ القضيّة لا غير ، والقلب أعمّ من ذلك ، لأنّه كما أشار إليه بقوله : «أن يجعل أحد أجزاء الكلام ...» سواء كان طرف القضيّة أم لا ، «مكان الآخر والآخر مكانه».
(٣) لأنّ المعروض عليه يجب أن يكون له إدراك يميل به إلى المعروض.
(٤) أي سواء تضمّن القلب اعتبارا لطيفا أو لا ، واعتبر المصنّف فيه اعتبارا لطيفا ، وقيل : إنّه مردود مطلقا ، لأنّ فيه إغلالا لا يفهم المراد ظاهر.
(٥) أي حسنا وزينة.
(٦) أي سواء كان فيه اعتبار لطيف أم لا ، كما نسب إلى ابن مالك ، والحاصل : إنّ في القلب ثلاث مذاهب :
أحدها : إنّه مقبول مطلقا ، كما ذهب إليه السّكّاكي.
والثّاني : إنّه مردود مطلقا ، كما نسب إلى ابن مالك.
والثّالث : إنّه إن تضمّن اعتبارا لطيفا قبل ، وإلّا فلا ، كما يظهر من المصنّف.