[والحقّ إنّه إن تضمّن اعتبارا لطيفا] غير الملاحة الّتي أورثها نفس القلب [قبل ، كقوله : ومهمّة] أي مفازة (١) [مغبّرة] أي مملوءة بالغبرة [أرجاؤه] ، أي أطرافه ونواحيه جمع الرّجى مقصورا (٢) [كأنّ لون أرضه سماؤه] على حذف المضاف (٣) [أي لونها] يعني لون السّماء ، فالمصراع الأخير من باب القلب ، والمعنى كأنّ لون سمائه لغبرتها لون أرضه ، والاعتبار اللّطيف هو المبالغة في وصف لون السّماء بالغبرة حتّى كأنّه صار بحيث يشبّه به لون الأرض في ذلك (٤) ، مع أنّ الأرض أصل فيه (٥) [وإلّا] أي وإن لم يتضمّن اعتبارا لطيفا [ردّ] لأنّه (٦) عدول عن مقتضى الظّاهر من غير نكتة يعتدّ بها (٧) [كقوله (٨)] فلمّا أن جرى سمن عليها (٩) [كما طيّنت بالفدن (١٠)]
______________________________________________________
(١) مفازة هي الأرض الّتي لا ماء فيها ، ولا نبت سمّيت بها تفاؤلا بأنّ السّالك فيها يفوز بمقصوده أو بالنّجاة من المهالك ، وإلّا فهي مهلكة لا مفازة.
(٢) بمعنى النّاحية.
(٣) أي لونها ، لأنّه لا مناسبة بين لون الأرض ، وذات السّماء حتّى يشبّه بها ، فالمشبّه به محذوف ، وهو لون السّماء.
(٤) أي في ذلك الوصف وهو الغبرة.
(٥) أي مع أنّ لون الأرض أصل في لون الغبرة والتّشبيه.
(٦) أي لأنّ القلب عدول عن مقتضى الظّاهر من غير نكتة بعتدّ بها فلا يقبل.
(٧) فيه إشارة إلى أنّ الملاحة يوجبها القلب غير معتدّ بها على هذا القول.
(٨) أي كقول القطامي عمر بن سليم الثّعلبي يصف ناقته بالسّمن بكسر السّين وفتح الميم ، اسم مصدر من سمن يسمن ، من باب تعب إذا كثر لحم الحيوان وشحمه ، وأمّا السّمن بفتح الحرفين فهو ما يعمل من لبن البقر والغنم ، والمراد هنا المعنى الأوّل.
(٩) أي على النّاقة.
(١٠) «طيّنت» من طيّنت السّطح بالفدن ، أي القصر السّياع أي الطّين المخلوط بالتّبن ، وفي المزهر ـ وهو كتاب في اللّغة ـ لا يقال : سياع ، إلّا إذا كان فيه تبن ، وإلّا فهو طين.