أحوال المسند
[أحوال المسند (١) أمّا تركه (٢) فلما مرّ] في حذف المسند إليه (٣) [كقوله :] ومن يك أمسى بالمدينة رحله (٤)
______________________________________________________
(١) أي الباب الثّالث أحوال المسند ، أي الأمور العارضة له من حيث إنّه مسند التّي بها يطابق الكلام مقتضى الحال.
(٢) أي المسند وإنّما قال : في المسند إليه حذفه ، وفي المسند تركه ، رعاية للطيفة ، وهي أنّ المسند إليه أقوم ركن في الكلام وأعظمه ، والاحتياج إليه فوق الاحتياج إلى المسند ، فحيث لم يذكر لفظا فكأنّه أتى به لفرط الاحتياج إليه ، ثمّ أسقط لغرض ، بخلاف المسند فإنّه ليس بهذه المثابة في الاحتياج ، فيجوز أن يترك ولا يؤتى به لغرض ، كما في المطوّل.
فحاصل الفرق بين الحذف والتّرك أنّ الأوّل عبارة عن الإتيان ثمّ الإسقاط ، والثّاني إشارة إلى عدم الإتيان به ابتداء ، ثمّ إسقاط المسند إليه بعد إتيانه إشارة إلى كونه أقوم ركن في الكلام ، لأنّ الكلام يشتمل على النّسبة بين المسند والمسند إليه وحيث كان المسند إليه في الأغلب ذاتا والمسند صفة ، والصّفة في تحقّقها محتاجة إلى الذّات فيكون المسند إليه أقوم ركن في الكلام.
(٣) أي من الاحتراز عن العبث ، بناء على الظّاهر وتخييل العدول إلى أقوى الدّليلين ، وضيق المقام بسبب التّحسّر أو بسبب المحافظة على الوزن واتّباع الاستعمال وغير ذلك.
(٤) لفظة من شرطيّة حذف الجزاء ، وأقيم غيره مقامه و «يك» فعل الشّرط ، أصله يكون ، حذفت الواو لالتقاء السّاكنين بعد الجزم ، وحذفت النّون أيضا تخفيفا أو تشبيها بالتّنوين في السّكون ، و «أمسى» إمّا مسند إلى ضمير من ، وجملة «بالمدينة رحله» خبره إن كانت ناقصة ، وحال إن كانت تامّة ، فالإسناد في «أمسى» حقيقة ، وإمّا مسند إلى رحله بمعنى المنزل والمأوى ، فالإسناد مجاز ، لأنّ المراد إمساء أهل المنزل دون المنزل نفسه ، أي ومن بك أمسى بالمدينة رحله فنعم الإمساء إمساءه ، لأنّه إمساء في المنزل بين الأهل والأحبّة والأصدقاء سالما عن كدر الغربة وتعب الفرقة. وحاصل المعنى من يمسي بالمدينة رحله فليمس ، فإنّي لا أمسي بها لأنّي غريب ، والغريب من يكون عازما على الارتحال.