والدّليل (١) على أنّ المرفوع فاعل (٢) والمحذوف فعله أنّه جاء عند عدم الحذف كذلك (٣) ، كقوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ)(١) ، وكقوله تعالى : (قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ)(٢) (٤).
______________________________________________________
القرينة ، وهو «خلق» في السّؤال ، ومن هنا يعلم أنّ القرينة حقيقة ما وقع في السّؤال ، أعني خلق لا وقوع الكلام ، أعني الله جوابا للسّؤال.
وكيف كان فالأولى أن يقال في التّعليل : لأنّ السّؤال مذكور صريحا.
(١) جواب عمّا يقال : هلّا جعلت لفظ الجلالة في الآية مبتدأ ، والخبر محذوف ، بأن يكون التّقدير : الله خلقهنّ ، ويكون من حذف المسند أيضا. وما المرجّح لكونه فاعلا؟
والدّليل والمرجح لكون لفظ الجلالة فاعلا
أوّلا : إنّ فعليّة الجملة عند عدم الحذف ، كما في الآية الثّانيّة تدلّ على أنّ ذلك هو الصّحيح في الأولى.
وثانيا : إنّ غرض السّائل بيان من نسب إليه الفعل ، وإذا جعل المرفوع فاعلا كانت نسبة الفعل إليه في الدّرجة الأولى ، فكان أقرب إلى إفادة غرضه بخلاف ما إذا جعل مبتدأ فإنّ نسبة الفعل حينئذ إليه في الدّرجة الثّانيّة.
(٢) أي لا مبتدأ ، والخبر محذوف.
(٣) أي كون المرفوع فاعلا. لا يقال إنّه قد جاء في القرآن عند عدم الحذف على أنّه مبتدأ ، كقوله تعالى : (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) إلى قوله : (قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها)(٣).
وحاصل الجواب إنّ وقوع الأوّل في القرآن أكثر ، وحمل المحتمل على الأكثر أولى.
(٤) الشّاهد في الآيتين هو ذكر الفاعل عند عدم حذف الفعل.
__________________
(١) سورة الزّخرف : ٩.
(٢) سورة يس : ٧٩.
(٣) سورة الأنعام : ٦٣ و ٦٤.