أي رجحانه نحو : ليبك يزيد ضارع مبنيّا للمفعول (على خلافه) يعني ـ لبيك يزيد ضارع ـ مبنيّا للفاعل ، ناصبا ليزيد ورافعا لضارع [بتكرّر (١) الإسناد] بأن (٢) أجمل أوّلا [إجمالا ثمّ] فصّل ثانيا [تفصيلا] أمّا التّفصيل فظاهر (٣) ، وأمّا الإجمال ، فلأنّه لما قيل (٤) ـ ليبك ـ علم أنّ هناك باكيا يسند إليه هذا البكاء ، لأنّ المسند إلى المفعول لا بدّ له من فاعل محذوف أقيم المفعول مقامه ، ولا شكّ أن المتكرّر أوكد وأقوى ، وأنّ الإجمال ثمّ التّفصيل أوقع في النّفس (٥).
______________________________________________________
(١) خبر فضله ، أي رجحانه على خلافه حاصل «بتكرّر الإسناد».
(٢) هذا الكلام من الشّارح إشارة إلى أنّ قول المصنّف إجمالا وتفصيلا ليسا معمولين للتكرّر ، بل معمولان لمحذوف ، والتّقدير بأن أجمل الإسناد إجمالا ، ثمّ فصّل تفصيلا.
(٣) لأنّ قوله : يبك ، لمّا أسند ثانيا إلى معيّن وهو ضارع كان الفاعل المستحقّ للفعل مذكورا بطريق التّنصيص ، وهو معنى التّفصيل.
(٤) توضيح ذلك أنّه إذا قيل : لبيك علم أنّ هناك باكيا ، لكن لم يعلم أنّه من هو ، فإذا قيل ضارع فصّل ذلك المجمل ، وعلم أنّ ذلك الباكي هو ضارع ، وفي هذا النّوع من الكلام أعني المتضمن للإجمال أوّلا ، والتّفصيل ثانيا ، ضرب من المبالغة ، لأنّ الشّيء إذا أبهم ، ثمّ فسر كان في النّفس أوقع ، ولأنّه إذا ذكر كذلك كان مذكورا مرّتين بعبارتين مختلفتين ، فيكون أبلغ ، إذ لا شكّ في أنّ الإسناد مرّتين أوكد وأوقع في النّفس.
(٥) لأنّ الإسناد إذا علم على وجه الإجمال أولا يحصل للنّفس تهيّؤ إلى علمه على وجه التّفصيل ، ثانيا فإذا علم على وجه التّفصيل يتمكّن في النّفس فضل تمكّن فيكون أوقع في النّفس قطعا ، ولهذا كان أولى وافضل ممّا إذا علم على وجه التّفصيل أوّلا ، وبالجملة إنّ الإجمال ثمّ التّفصيل أوقع في النّفس ، أي أشدّ وقوعا ورسوخا فيها ، لأنّ في الإجمال تشويقا ، وإنّ الحاصل بعد الطّلب أعزّ من المنساق بلا تعب ، والحال إنّ الغرض من إصدار الكلام تمكّن معناه ليقع العمل بمقتضاه.