[وأمّا ذكره] أي ذكر المسند [فلما مرّ] في ذكر المسند إليه ، من كون الذّكر هو الأصل (١) مع عدم المقتضي للعدول عنه (٢) ، ومن الاحتياط (٣) لضعف التّعويل على القرينة مثل (خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ)(١) (٤).
______________________________________________________
(١) أي الرّاجح والسّابق في الاعتبار.
(٢) أي الأصل ، يعني لا يعدل عن الأصل مع عدم النّكتة المقتضية للعدول عن الذّكر إلى الحذف.
(٣) أي احتياط المتكلّم «لضعف التّعويل» أي الاعتماد «على القرينة» الدالّة على الحذف.
(٤) ومحلّ الشّاهد قوله : (خَلَقَهُنَ) حيث ذكر مع وجود القرينة احتياطا لضعف الاعتماد على القرينة.
لا يقال : إنّ وقوع قوله تعالى : (خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) جوابا لسؤال محقّق قرينة على حذف المسند لو حذف ، كما حذف في الآية المتقدّمة أي قوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) فالفرق بينهما بالذّكر في هذه الآية لضعف التّعويل على القرينة ، والحذف في الآية المتقدّمة ، مع اتّحادهما من حيث السّؤال والسّائل ، والمعنى والمخاطب وهو النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ممّا لا وجه له ، فالصّواب إنّ الذّكر هنا لزيادة تقرير المسند.
لأنّا نقول : إنّ وجود القرينة مصحّح للحذف ، ولا موجب ، فإن عوّل على دلالتها حذف المسند ، وإن لم يعوّل عليها احتياطا ، بناء على أنّ المخاطب من حيث هو مخاطب ، مع قطع النّظر عن كونه نبيّا صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلّه يغفل عن القرينة يذكر المسند ، وإن كان المخاطب واحدا ، وذلك لاختلاف تيقّظ المخاطب من حيث هو مخاطب باختلاف العوارض والأحوال ، فقد يعوّل على القرينة في بعض المواضع ، ولم يعوّل عليها في بعض المواضع ، فيحذف المسند على الأوّل ، ويذكر على الثّاني.
ولك أنّ تقول في الجواب أنّه لمّا كان المسؤولون أغبياء الاعتقاد لكفرهم جاز أنّ يتوهّموا في بعض الحالات أنّ السّائل ، أي النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ممّن تجوز عليه الغفلة عن السّؤال ، أو تجوز على من معه ممّن يقصد إسماعه ، أو ينزلوه منزلة من تجوز عليه فيأتون بالجواب احتياطا لضعف التّعويل على القرينة بزعمهم الفاسد.
__________________
(١) سورة الزّخرف : ٩.