[وأمّا إفراده] أي جعل المسند غير جملة (١) [فلكونه غير سببيّ (٢) مع عدم إفادة تقوّي الحكم] ، إذ لو كان سببيّا (٣) نحو : زيد قائم أبوه ، أو مفيدا للتّقوّي (٤) نحو : زيد قام ، فهو جملة قطعا (٥) وأمّا (٦) نحو : زيد قائم ، فليس بمفيد للتّقوّي ، بل هو قريب من ـ زيد قام ـ في ذلك (٧)
______________________________________________________
(١) هذا التّفسير من الشّارح إشارة إلى أنّ المراد بالمفرد المستفاد من قوله : «إفراده» ما يقابل الجملة ، لا ما يقابل المثنّى والمجموع والمضاف وشبهه ، فيشمل ما ليس بجملة.
(٢) أي لاقتضاء المقام كونه غير منسوب إلى السّبب ، بأن يكون مسندا بنفسه لا باعتبار متعلّقه أي الضّمير ، قال بعضهم : سمي الضّمير سببا تشبيها له بالسّبب اللّغوي الّذي هو الحبل ، لأنّ الضّمير تربط به الصّلات والصّفات كما أنّ الأمتعة تربط بالحبل.
(٣) بأن يكون الخبر غير صادر من المسند إليه كالمثال الأوّل.
(٤) بأن تكون المسند جملة كالمثال الثّاني ، أو يكون فيه تكرار الإسناد الموجب للتّقوّي.
(٥) وحاصل الكلام في المقام إنّ سبب كون المسند جملة أحد الأمرين ، أي كونه سببيّا وكونه مفيدا للتّقوّي ، وإنّ سبب الإفراد انتفاؤهما جميعا ، وقوله : «فهو جملة» جواب لو في قوله : «لو كان» ، فهو مرتبط بالأمرين قبله ، والمعنى فواجب أن يؤتى به جملة.
(٦) جواب عن سؤال مقدّر وهو أنّ المصنّف جعل العلّة في الإفراد كون المسند غير سببيّ ، مع عدم إفادة التّقوّي ، فيرد عليه بمثل : زيد قائم ، فإنّه مفيد للتّقوّي ، مع كونه مفردا فقد وجد المعلول وهو التّقوّي ، ولم توجد العلّة مع أنّ العلّة والمعلول متلازمان في الانتفاء والوجود.
وحاصل الجواب إنّ زيدا قائم غير مفيد للتّقوّي ، وإنّما هو قريب ممّا يفيد التّقوّي ، وهو زيد قام ، وذلك لأنّه إن اعتبر تضمّنه للضّمير الموجب لتكرّر الإسناد المفيد للتّقوّي كان مفيدا له ، وإن اعتبر شبهه بالخالي عن الضّمير لم يكن فيه تكرّر الإسناد ، فيدخل في عدم إفادة التّقوّي.
(٧) أي في إفادة التّقوّي لاحتواء كلّ منهما على ضمير مسند إليه عائد إلى المبتدأ ، والتّعبير بالقرب لعدم تغيّر ضمير قائم في حال التّكلّم والخطاب والغيبة ، فيقال : أنا قائم ، أنت قائم ، هو قائم ، فقائم بمنزلة الجامد الّذي لا ضمير فيه ، وحينئذ إن اعتبر تضمّنه للضّمير كان مفيدا للتّقوّي ، وإن اعتبر شبهه بالجامد لم يكن مفيدا له ، فيكون قريبا من زيد قام.