إنّ إفراد المسند قد يكون لأجل هذا المعنى ، ولا يلزم منه تحقّق الإفراد في جميع صور تحقّق هذا المعنى ، ثمّ السّببيّ والفعليّ من اصطلاحات (١) صاحب المفتاح حيث سمّى في قسم النّحو (٢) الوصف بحال الشّيء (٣)
______________________________________________________
(١) أي من مخترعاته ، وفي بعض نسخ الشّارح من اصطلاحات السّكّاكي ، وكيف كان فهذا الكلام من الشّارح إشارة إلى دفع اعتراض وارد على المصنّف في تركه تعريف السّببيّ وإتيانه بالمثال حيث قال : «والمراد بالسّببي نحو : زيد أبوه منطلق».
وحاصل الاعتراض إنّ المثال لا يكفي عن تعريف الحقائق ، لأنّ المثال يورد لإيضاح الحقائق بعد تعريفها ، وحاصل الجواب إنّه قد ثبت في محلّه أنّ التّمثيل للشّيء تعريف له ، ثمّ يعلم من مثال السّببيّ مثال ما يقابله وهو الفعليّ ، فلا حاجة إلى ما هو متعارف عند أهل الميزان من التّعريف الّذي يحصل به العلم بماهيّة المعرّف ، أو امتيازه عن جميع ما عداه.
هذا مع تعسّر ضبطه ، والإشكال فيه ، أمّا الإشكال ، فلأنّ الفرق بين أبوه منطلق وبين منطلق أبوه ، في أنّ الأوّل سببيّ دون الثّاني مع اتّحادهما في المعنى مشكل.
وأما تعسّر الضّبط ، فلأنّ المسند السّببيّ أربعة أقسام : جملة اسميّة يكون الخبر فيها فعلا نحو : زيد أبوه انطلق ، أو اسم فاعل نحو : زيد أبوه منطلق ، أو اسم جامد نحو : زيد أخوه عمرو ، أو جملة فعليّة يكون الفاعل فيها مظهرا نحو : زيد انطلق أبوه ، والتّعريف الضّابط لجميع الأقسام متعسّر.
(٢) أي في القسم المدوّن في النّحو من كتابه مفتاح العلوم.
(٣) أي وصفه الحقيقيّ ، لأنّ الكرم وصف حقيقيّ قائم بالرّجل ، ولذا سمّي بالفعليّ ، وهو الّذي يقال له صفة جرت على من هو له ويسمّيه النّحاة وصفا حقيقيّا ، وما يقابله وصفا اعتباريا كرجل قاعد غلمانه ، فإنّ القعود وصف حقيقيّ للغلمان ، ووصف اعتباري للرّجل يقال له قاعد الغلمان ، وهو الّذي يقال له صفة جرت على غير من هو له ، فقد انفرد صاحب المفتاح عنهم بالتّسمية بالفعليّ ، كما انفرد عنهم بإجراء هذا في المسند مع تخصيصه السّببيّ فيه في الجملة ، فمجموع اصطلاحه مبتكر له فصحّ كلام الشّارح «ثمّ السّببيّ والفعليّ من اصطلاحات صاحب المفتاح».