والعمدة في ذلك (١) تتبّع كلام السّكّاكي لأنّا لم نجد هذا الاصطلاح ممّن قبله. [وأمّا كونه] أي المسند [فعلا (٢) فللتّقييد] أي تقييد المسند [بأحد الأزمنة الثّلاثة] أعني الماضي وهو الزّمان الّذي (٣) قبل زمانك الّذي أنت فيه (٤).
______________________________________________________
(١) أي في هذا التّفسير وقيوده من حيث الإدخال والإخراج «تتبّع كلام السّكّاكي» ، ومن خلال تتبّع كلام السّكّاكي يرد الاعتراض على تفسير الشّارح بأنّ السّكّاكي اشترط شرطا زائدا على ما قاله الشّارح ، وهو أن يكون المضاف إلى الضّمير اسما مرفوعا كالمثالين الأوّلين ، وهما زيد أبوه قائم ، وزيد قام أبوه ، وحينئذ تخرج الأمثلة الأخيرة ، فإنّ المسند فيها ليس سببيّا عند السّكّاكي خلافا للشّارح ، والحاصل إنّ المسند السّببيّ عند السّكّاكي أربعة أقسام : جملة اسميّة يكون الخبر فيها فعلا نحو : زيد أبوه ينطلق ، أو اسم فاعل يجوز زيد أبوه منطلق ، أو اسما جامدا نحو : زيد أخوه عمرو ، أو جملة فعليّة يكون الفاعل فيها مظهرا نحو : زيد انطلق أبوه ، والتّعريف الجامع بجميع أقسامه متعسّر فاكتفى بالمثال فقط.
(٢) أي وأمّا الإتيان بالمسند فعلا فلتقييده أي المسند بأحد الأزمنة الثّلاثة ، والمراد من تقييده هو تقييد جزء معناه ، وهو الحدث بأحد من الأزمنة الثّلاثة ، فلا يرد أنّ الزّمان جزء من معنى الفعل ، فلو قيّد المسند به للزم تقييد الشّيء بنفسه بالإضافة إلى الزّمان.
ثمّ إنّ هذا التّقييد إنّما يكون فيما إذا تعلّق به غرض ، كما إذا كان المخاطب معتقدا لعدم وقوع الحدث في خصوص ما يستفاد من الفعل من الزّمان ، والحال إنّه واقع فيه ، فيؤتى بالفعل الدّال على هذا الزّمان الخاصّ ، ولو بالتّقييد المذكور ردّا لاعتقاد المخاطب بعدم وقوعه فيه.
(٣) وهذا التّفسير للزّمان الماضي مبنيّ على أن يكون الماضي سابقا على الحال ، أي يليه الحال ، ويليه المستقبل ، وهو ظاهر ومشهور.
(٤) أي أنت فيه حين التّكلّم ، وربّما يقال إنّ قبل ظرف زمان ، فمعنى العبارة أنّ الماضي هو الزّمان الّذي في زمان متقدّم على الزّمان الّذي تتكلّم فيه ، فحينئذ إن كان الزّمان الماضي عين الزّمان الّذي جعل ظرفا له أعني قبل ، لزم أن يكون الشّيء ظرفا لنفسه ، وإن كان غيره لزم أن يكون للزّمان زمان آخر هو ظرفه ، وكلاهما باطل ، للزوم اتّحاد الظّرف والمظروف في الأوّل ، والتّسلسل في الثّاني وبطلانهما واضح.
وأجيب عن ذلك بوجهين :