لا سيّما السّهر والحزن (١) ، حتّى (٢) يكون السّؤال عن السّبب الخاصّ [وإمّا عن سبب خاصّ (٣)] لهذا الحكم (٤) [نحو : (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ)(١) (٥) كأنّه قيل : هل النّفس أمّارة بالسّوء] ، فقيل (٦) : إنّ النّفس لأمّارة بالسّوء ، بقرينة (٧) التّأكيد ،
________________________________________
ويبقى السّبب مجهولا ، فحينما يقول : ما سبب مرضه؟ يطلب بما الشّارحة الّتي هي لطلب التّعيين والتّصوّر يطلب تعيين ما هو السّبب وشرحه لكونه جاهلا به.
نعم ، الجواب عن ذلك السّؤال سبب خاصّ ، إنّما هو لمكان أنّ مطلوبه التّصوّري يحصل به ، لا أنّه هو مطلوب من السّؤال ، حتّى يكون السّؤال عن السّبب الخاصّ ، فيكون السّؤال عن السّبب مطلقا.
(١) أي خصوصا السّهر والحزن ، فإنّه قلّما يقال : هل سبب مرضه السّهر والحزن؟ فهما أولى بعدم السّؤال ، لأنّهما من أبعد أسباب المرض ، وحينئذ فلا يقال في السّؤال : هل سبب علّته ومرضه السّهر أو الحزن حتّى يكون السّؤال عن السّبب الخاصّ ، إذ لا يتصوّر سببيّتهما للمرض حتّى يسأل عنهما ، فيكون السّؤال في البيت عن السّبب المطلق.
(٢) هذا تفريع إلى المنفيّ ، أعني يقال : هل سبب علّته ...
(٣) أي وإمّا يسأل السّائل عن سبب خاصّ ، بأن يكون عالما بأسباب خاصّة للحكم ، وكان محتملا بأنّ الموجود في المقام أحد منها احتمالا قويّا فيسال عنه هل هو سبب الحكم أم لا؟
(٤) أي الحكم الكائن في الجملة الأولى كعدم التّبرئه في الآية المباركة ، فالمراد بالحكم المحكوم به ، لكن من حيث انتسابه إلى المحكوم عليه.
(٥) فقول يوسف عليهالسلام (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي) منشأ للسّؤال المقدّر ، وهو هل النّفس مجبولة على الأمر بالسّوء! حتّى لا براءة عنها ، فأجاب : نعم ، إنّ النّفس آمرة بالسّوء ، فيكون قوله : (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) الاستئناف ، والجواب عن ذلك السّؤال المقدّر.
(٦) أي فقيل في الجواب : إنّ النّفس لأمّارة بالسّوء.
(٧) أي إنّ السّؤال عن سبب خاصّ بقرينة التّأكيد بإنّ واللّام واسميّة الجملة ، لأنّ الجواب عن السّؤال عن مطلق السّبب لا يؤكّد ، لأنّ السّؤال عن السّبب المطلق لطلب التّصوّر والتّأكيد إنّما يجيء فيما إذا كان السّؤال لطلب الحكم لا لطلب التّصوّر.
__________________
(١) سورة يوسف : ٥٣.