[وإمّا عن غيرهما] أي غير السّبب المطلق والخاصّ [نحو : (قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ)(١) (١) أي فماذا قال] إبراهيم في جواب سلامهم (٢) فقيل : قال : سلام (٣) ، أي حيّاهم بتحيّة أحسن (٤) لكونها بالجملة الاسميّة الدالّة على الدّوام والثّبوت. [وقوله (٥) : زعم العواذل] جمع عاذلة (٦) بمعنى جماعة عاذلة (٧) [أنّني في
________________________________________
(١) قالوا أي الملائكة (سلما) أي نسلّم عليك يا إبراهيم سلاما ، فيكون قوله : (سلم) مفعولا لمحذوف ، وقال إبراهيم في جواب سلام الملائكة (سلم) أي سلام عليكم ، فيكون قوله : (سلم) مبتدأ ، وخبره محذوف أعني عليكم.
والشّاهد في الآية : وقوع قوله تعالى : (سلم) إنّ في جواب السّؤال عن غير السّبب فإنّ قول إبراهيم لهم (سلم) إنّ ليس سببا لقولهم : (قالُوا سَلاماً) إنّ لا عامّا ولا خاصّا.
نعم ، عامّ في حدّ ذاته ، ومتعلّق بما قبله.
(٢) أي سلام الملائكة.
(٣) أي قال إبراهيم في جواب السّلام (سلم) أي سلام عليكم.
(٤) أي حيّى إبراهيم الملائكة بتحيّة أحسن من تحيّتهم ، لأنّ تحيّة الملائكة كانت بالجملة الفعليّة الدّالّة على الحدوث ، أي نسلّم عليك يا إبراهيم سلاما ، وتحيّة إبراهيم كانت بالجملة الاسميّة على الدّوام والثّبوت ، أي سلام عليكم ، ومن البديهي أنّ ما يدلّ على الدّوام والثّبوت أفضل ممّا يدلّ على الحدوث.
(٥) أي قول جند بن عماد ، وأتى المصنّف بمثالين ، لأنّ السّؤال من غير سبب أيضا ، إمّا أن يكون على إطلاقه ، كما في المثال الأوّل ، وإمّا أن يشتمل على خصوصيّة كما في المثال الثّاني ، فإنّ العلم به حاصل بواحد من الصّدق والكذب ، وإنّما السّؤال عن تعيينه.
(٦) أي من الذّكور بدليل قوله : «صدقوا» ، وإنّما لم يجعل جمع عاذل ، لأنّ فاعلا لا يجمع على فواعل.
(٧) من العذل بمعنى اللّوم ، وأراد الشّاعر بالعواذل جماعة عاذلة ، أي لائمة ، الغمرة في الموضعين ، كالّظلمة بمعنى الشّدّة.
والشّاهد : في قوله : «صدقوا» ، حيث إنّه وقع جواب عن سؤال مقدّر ، وذلك السّؤال المقدّر
__________________
(١) سورة هود : ٦٩.