وقوله : (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ)(١) (١)] في الخبريّتين لفظا ومعنى إلّا أنّهما في المثال الثّاني متناسبتان في الاسميّة بخلاف الأوّل. [وقوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا)(٢) (٢)] في الإنشائيّتين لفظا ومعنى (٣) وأورد للاتّفاق معنى فقطّ مثالا واحدا إشارة إلى أنّه يمكن تطبيقه على قسمين من أقسامه السّتّة (٤)
________________________________________
محلّ من الإعراب أو لا.
(١) الشّاهد في الآية : إنّ الجملتين المعطوفتين متّفقتان لفظا ومعنى ، والجامع بينهما التّضادّ بين المسندين والمسند إليهما ، وذلك ظاهر.
والفرق بين المثالين : إنّ الجملتين وإن كانتا متّفقنتين في الخبريّة لفظا ومعنى ، إلّا أنّهما يفترقان في أنّ الجملة الأولى في المثال الأوّل فعليّة ، والثّانية اسميّة ، وهما متماثلتان في الاسميّة في المثال الثّاني.
(٢) وقبله (يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا).
والشّاهد فيها هو كون الجملات المتعاطفات فيها إنشائيّة لفظا ومعنى مع وجود جامع بينهما وهو اتّحاد المسند إليه فيها ، وهو الواو الّتي هي ضمير المخاطبين وتناسب المسندات حيث إنّ بين الأكل والشّرب والإسراف تقاربا في الخيال ، لأنّ الإنسان إذا تخيّل الأكل تخيّل الشّرب لتقاربهما في الخيال وتلازمهما عادة ، وكذا الإسراف ، لأنّهما إذا حضرا في الخيال تخيّل مضرّة الإسراف والتّجاوز عن حدّهما.
(٣) إلى هنا كان المثال للقسمين الأوّلين ، وأمّا أقسام الاتّفاق معنى فقطّ ، وهي السّتّة الباقية ، فلم يذكر لها إلّا مثالا واحدا.
(٤) أي السّتّة السّابقة في قول الشّارح ، حيث قال : والمتّفقتان معنى فقطّ ستّة أقسام ، ثمّ المراد بالقسمين اللّذين يمكن تطبيق المثال عليهما ، أن تكون الجملتان خبريّتين لفظا ، إنشائيّتين معنى ، أو تكونا إنشائيّتين معنى ، والأولى خبريّة في اللّفظ ، والثّانية إنشائيّة فيه ، وقد تقدّم ذكر أمثلة تمام السّتّة.
وأمّا تطبيقه على القسم الأوّل وهو كون الجملتين إنشائيّتين معنى فقطّ ، فبأن يقال : لا تعبدون وتحسنون ، فإنّهما إنشائيّتان معنى ، أي بمعنى لا تعبدوا وأحسنوا.
__________________
(١) سورة الانفطار : ١٣ و ١٤.
(٢) سورة الأعراف : ٣١.