[وبخلاف زيد شاعر وعمرو طويل مطلقا (١)] أي سواء كان بين زيد وعمرو مناسبة (٢) أو لم تكن (٣) ، لعدم (٤) تناسب الشّعر وطول القامة. [السّكّاكي] ذكر (٥) أنّه يجب أن يكون بين الجملتين (٦) ما يجمعهما عند (٧) القوّة المفكّرة جمعا من جهة العقل ، وهو الجامع العقليّ
________________________________________
(١) أي لا يصحّ فيه العطف مطلقا.
(٢) أي كالأخوّة والصّداقة والعداوة.
(٣) أي وإن لم تكن بينهما مناسبة خاصّة.
(٤) أي قوله : «لعدم تناسب الشّعر وطول القامة» ، علّة لعدم صحّة العطف مطلقا ، وحاصل الكلام في هذا المقام أنّه على فرض وجود المناسبة بين زيد وعمرو لا يصحّ العطف ، فإنّ المناسبة مفقودة بين المسندين ، أعني الشّعر وطول القامة ، فالمناسبة معدومة ، إمّا من جهة واحدة ، أو من جهتين ، ولذا لا يصحّ العطف مطلقا.
(٥) أي وحاصل ما ذكره السّكّاكي أنّه قسّم الجامع إلى عقليّ ووهميّ وخياليّ ، ونقل المصنّف كلامه مغيّرا لعبارته قصدا لاختصارها وإصلاحها ، فأفسد بدل الإصلاح ، وذلك سيظهر لك بعد الفراغ من شرح كلام المصنّف.
(٦) أي من حيث أجزائهما لا من حيث ذاتهما ، كما هو ظاهره.
(٧) أي في القوّة المفكّرة ، فالعنديّة عنديّة مجازيّة بمعنى في.
وكيف كان فتوضيح الجامع في المقام يحتاج إلى بسط الكلام ، فنقول : إنّ الفلاسفة عرّفوا النّفس في الطّبيعيّات بأنّها كمال أوّل لجسم طبيعيّ آليّ ، ومرادهم بالكمال الأوّل ما يكمل النّوع في ذاته ، فتخرج به الكمالات الثّانية كالعلم مثلا ، حيث يكون من توابع الكمال الأوّل ، وخرج بقيد لجسم كمال المجرّدات من فصولها المنوّعة ، وخرج بقيد الطّبيعيّ الكمال الحاصل للجسم الصّناعيّ مثل صورة السّرير ، فإنّها كمال أوّل له ، ومرادهم بالآلي في قولهم : «آليّ» هو كون الكمال له آلات ، أي القوى الظّاهريّة والباطنيّة ، ثمّ قسّموا النّفس إلى سماويّة وأرضيّة ، وقسّموا الثّانية إلى النّباتيّة والحيوانيّة والنّطقيّة ، وأثبتوا للحيوانيّة قوى ظاهريّة وباطنيّة ، والأولى خمسة أقسام : الباصرة ، والسّامعة ، والشّامّة ، والذّائقة ، واللّامسة.
وعرّفوا الباصرة : بأنّها قوّة مودعة في ملتقى العصبتين المجوّفتين اللّتين تنبتان من غور