أو من جهة الوهم (١) وهو الجامع الوهميّ ، أو من جهة الخيال (٢) وهو الجامع الخياليّ (٣) والمراد (٤) بالعقل القوّة العاقلة المدركة للكلّيّات ،
________________________________________
والتّفصيل ، مثل إنسان ذي الرّأسين ، أو ذي مائة رأس ، وإنسان عديم الرّأس ، أو حيوان نصفه إنسان ونصفه فرس ، أو بقر أو شاة ، وتسمّى هذه القوّة مفكّرة ، إذا استعملها العقل ، ومتخيّلة إذا استعملها الوهم.
(١) عطف على قوله : «من جهة العقل» فالجامع الوهميّ عبارة عن أمر يجمع بين الشّيئين في القوّة المفكّرة جمعا ناشئا من جهة الوهم ، وذلك بأن يتخيّل بسبب ذلك الجامع على جمعهما في المفكّرة ، وذلك كشبه التّماثل والتّضادّ على ما يأتي ، وليس المراد بالجامع الوهميّ ما يدرك بالوهم من المعاني الجزئيّة الموجودة في المحسوسات على ما يأتي.
(٢) عطف على قوله : «من جهة العقل» فالجامع الخياليّ عبارة عن أمر يجمع بين الشّيئين في القوّة المفكّرة جمعا ناشئا من جهة الخيال ، وذلك بأن يتخيّل الخيال بسبب ذلك الأمر على الجمع بينهما في القوّة المفكّرة ، وليس المراد بالجامع الخياليّ ما يجتمع في الخيال من صور المحسوسات على ما يأتي.
(٣) لم يجر هنا على سنن ما قبله ، حيث نسب الجامع سابقا للقوّة المدركة ، وهي الواهمة لا لخزنتها ، وهي الحافظة ، وهنا نسبه لخزانة القوّة المدركة ، هي الحسّ المشترك ، لأنّ الخيال خزانة للحسّ المشترك ، كما يأتي ، فالحقّ أن يقال : وهو الجامع الحسّي ، ولعلّ ذلك لئلّا يتوهّم أنّ المراد الحسّ الظّاهر كالسّمع والبصر والشّمّ والذّوق واللّمس.
(٤) هذا شروع في بيان القوى الباطنيّة المدركة ، كما زعم الحكماء ، وهي أربعة القوّة الواهمة ، والقوّة العقليّة وقوّة الحسّ المشترك ، والقوّة المفكّرة ، وتفصيل الكلام في المقام أنّ الفلاسفة أثبتوا للنّفس النّاطقة مضافا إلى القوى الظّاهريّة الخمس الحواسّ الباطنيّة السّبع ، وهي القوّة العاقلة وخزانتها ، والوهميّة وخزانتها ، والحسّ المشترك وخزانته ، والمتصرّفة.
وعرّفوا القوّة العاقلة : بأنّها قوّة قائمة بالنّفس تدرك بالذّات الكلّيّات والجزئيّات المجرّدة عن عوارض المادّة المعروضة للصّور ، وعن الأبعاد كالطّول والعرض والعمق ، وذلك لأنّها مجرّدة فلا يقوم بها إلّا المجرّد ، وزعموا أن لتلك القوّة خزانة ، وهي العقل الفيّاض المدبّر لفلك القمر لما بينهما من الارتباط ، فإذا كنت ذاكرا لمعنى الإنسان كان ذلك إدراكا للقوّة العاقلة ، فإذا