عن المشخّصات العقليّة (١) لأنّ (٢) كلّ ما هو موجود في العقل (٣) فلا بدّ له (٤) من تشخّص (٥) فيه (٦) به (٧) يمتاز من سائر المعقولات. وههنا (٨) بحث ، وهو (٩) أنّ التّماثل هو الاتّحاد في النّوع ، مثل اتّحاد زيد وعمر مثلا في الإنسانيّة ، وإذا كان التّماثل جامعا لم تتوقّف صحّة قولنا : زيد كاتب وعمرو
________________________________________
(١) أي الفصول الّتي لا يتحقّق التّمايز بين الكلّيّات في العقل إلّا بها ، كالنّاطقيّة بالنّسبة للإنسان ، والنّاهقيّة بالنّسبة للحمار ، والصّاهليّة بالنّسبة للفرس ، ويقال لها مشخّصات ذهنيّة أيضا.
(٢) أي هذا علّة لعدم تجريد العقل للمشخّصات العقليّة.
(٣) أي كماهيّة الإنسان.
(٤) أي للموجود في العقل.
(٥) أي من مشخّص ومعيّن.
(٦) أي في العقل.
(٧) أي بذلك المشخّص يمتاز ما في العقل عن سائر المعقولات.
وحاصل الكلام في المقام : إنّ الأمرين الكلّيّين كالإنسان والفرس كلّ منهما حاصل عند العقل ، ومتعيّن فيه عن غيره بواسطة أنّ المعيّن للأوّل هو النّاطقيّة وللثّاني هو الصّاهليّة ، فلو جرّدهما العقل من مميّزهما لزم أنّهما معلوم واحد ، ولزم أنّ الأشياء كلها معلوم واحد عند تجريد سائر الكلّيّات ، وكون الأشياء كلها معلوما واحدا باطل. فلا بدّ من الالتزام بتعدّدها وامتياز بعضها عن البعض عند العقل.
(٨) أي في جعل التّماثل جهة جامعة عقلا بالبيان المتقدّم بحث ونظر.
(٩) أي البحث والنّظر أنّ التّماثل عند الحكماء هو الاتّحاد في النّوع ، أي في الحقيقة ، فإذا كان جامعا لم تتوقّف صحّة قولنا : زيد كاتب وعمرو شاعر على مناسبة بين زيد وعمرو مثل الأخوّة أو الصّداقة ، مع أنّه قد تقدّم أنّ المسند إليهما إذا تغايرا فلا بدّ من مناسبة بينهما كالأخوّة والصّداقة.
وحاصل النّظر : والإشكال : إنّ التّماثل إذا كان جامعا صحّ قولنا : زيد كاتب وعمرو شاعر ، ولم تتوقّف صحّة العطف في المثال المذكور على مناسبة أخرى غير التّماثل ، لأنّ زيدا وعمرا