[أو تضايف (١)] وهو (٢) كون الشّيئين بحيث لا يمكن تعقّل كلّ منهما إلّا بالقياس إلى تعقّل الآخر [كما بين العلّة والمعلول (٣)] فإنّ (٤) كلّ أمر يصدر عنه أمر آخر بالاستقلال (٥)
________________________________________
فإن قلت : المذكور في باب التّشبيه أنّه لا بدّ من المشاركة في وصف خاصّ دون الحقيقة ، والمعتبر هنا المشاركة في الحقيقة والوصف جمعا ، فكيف يحصل ما هنا على ما هناك.
قلت : المشاركة في الحقيقة لازمة للمشاركة في الوصف ، فإذا قيل : زيد كعمرو في الكرم ، فكأنّه قيل : زيد كعمرو في الإنسانيّة مع الكرم ، وحينئذ فيتقوّى بذلك ما اعتبر هنا ، لأنّ لباب الجامع تعلّقا بباب التّشبيه من حيث استدعاء كلّ منهما أمرا مشتركا فيه ، فيكون ما اعتبر في أحدهما معتبرا في الآخر.
(١) عطف على قوله : «أو تماثل» ، ومثال التّضايف نحو : أبو زيد يشعر وابنه يكتب ، فالجامع بين الأب والابن ، وهما مسند إليهما عقليّ ، وهو التّضايف ، وإن كان بين المسندين خياليّا ، وهو التّقارن.
(٢) أي التّضايف «كون الشّيئين بحيث لا يمكن تعقّل كلّ منهما ...» أي بحيث يكون تصوّر أحدهما لازما لتصوّر الآخر ، وحينئذ فحصول كلّ واحد منهما في المفكّرة يستلزم حصول الآخر فيها ضرورة ، وهذا معنى الجمع بينهما فيها ، وليس المراد به اتّحادهما فيها.
(٣) أي كالتّضايف الّذي هو بين مفهوم العلّة ، وهو كون الشّيء سببا ، وبين مفهوم المعلول وهو كون الشّيء مسبّبا عن ذلك الشّيء ، فتصوّر أحدهما متوقّف على تصوّر الآخر ، فيجوز أن يقال : العلّة أصل ، والمعلول فرع بالعطف ، وكذلك يجوز عطف ما يشتمل على ما صدق عليه العلّة على ما يشتمل على ما يصدق عليه المعلول إذا لوحظ المصداقان بما أنّهما علّة ومعلول ، كأن يقال : حركة الإصبع موجودة ، وحركة الخاتم موجودة ، أو حركة الإصبع علّة وحركة الخاتم معلولة ، أو النّار محرقة ، والحطب محرق ، وإنّما قلنا : إذا لو حظ المصداقان ... ، إذ لو لم يلحظا كذلك ليس بينهما التّضايف ، فلا يصحّ العطف.
(٤) الفاء واقعة في جواب شرط مقدّر ، والتّقدير : إذا أردت أن تعرف الفرق بين العلّة والمعلول فنقول لك : إنّ كلّ أمر يصدر عنه أمر آخر ، فهو علّة والأمر الآخر معلول.
(٥) أي في العلّة التّامّة كذات الله تعالى بالنّسبة إلى العقل الأوّل عند الحكماء ، أو كحركة اليد بالقياس إلى حركة المفتاح.