ثلاثة تشرق (١) الدّنيا ببهجتها |
|
شمس الضّحى وأبو إسحاق والقمر (٢)] |
فإنّ الوهم يتوهّم أنّ الثّلاثة من نوع واحد ، وإنّما اختلفت بالعوارض والعقل يعرف (٣) أنّها أمور متباينة [أو (٤)] يكون بين تصوّريهما [تضادّ] وهو التّقابل (٥) بين
________________________________________
(١) أي تضيء الدّنيا «ببهجتها» أي بحسنها ونورها.
(٢) أي هذه الثّلاثة عند النّظر والتّأمّل متباينة بناء على أنّ الشّمس كوكب نهاريّ مضيء لذاته ، والقمر كوكب ليليّ مطموس لذاته مستفاد نوره من نور الشّمس ، وأبو إسحاق إنسان عمّ هداه وغناؤه في زعم الشّاعر جميع العالمين بحيث يشبّه عموم هداه ونفعه بعموم نور الشّمس في التّوصّل إلى الأغراض لكن يسبق إلى الوهم تماثلها في الإشراق ، وإنّها نوع واحد.
والحاصل إنّ هذه الأمور عند العقل ، وإن كانت متباينة إلّا أنّها عند الوهم متماثلة ومتّحدة في النّوع ، وذلك لكمال مناسبة الشّمس والقمر في الإشراق ولكثرة تشبيه عموم العدل والإحسان بنور الشّمس حتّى صار بحيث يتوهّم أنّ له إشراقا ، فأبرزها الوهم في معرض المتماثلات ، ولذا عطف بعضها على بعض ، وهذا المثال وإن كان من عطف المفردات إلّا أنه يصحّ الاستشهاد به ، لأنّه يشترط الجامع في عطف المفردات ، كما يشترط في عطف الجمل ، والجامع الوهميّ موجود فيها ، ثمّ الفرق بين المثالين أنّ البياض والصّفرة مثال ضدّين بينهما شبه تماثل ، والثّلاثة في قول الشّاعر مثال لمختلفين بينهما شبه تماثل.
(٣) أي والعقل يعرف أنّ الثّلاثة المذكورة في قول الشّاعر أمور متباينة ، لأنّ كلّ واحد منها من نوع آخر.
(٤) عطف على «شبه تماثل» ، أي الجامع الوهميّ بأن يكون تصوّريهما شبه تماثل أو تضادّ ، أي يكون بين ما يتصوّر في الجملتين تضادّ.
(٥) أي وهو امتناع اجتماع الوصفين في محلّ واحد في زمان واحد من جهة واحدة ، ثمّ التّقابل بالمعنى المذكور على أربعة أقسام : التّضايف ، والتّضادّ ، وتقابل العدم والملكة ، وتقابل الإيجاب والسّلب.
وذلك لأنّ الأمرين المتقابلين : إمّا أمران وجوديّان ، وإمّا أحدهما وجوديّ والآخر عدميّ ، وعلى الأوّل تارة يكون تصوّر مفهوم أحدهما مستلزما لتصوّر مفهوم الآخر ، كالعلّيّة