الوصفين المتضادّين ههنا (١) ليسا بداخلين في مفهوميّ السّماء والأرض [والأوّل (٢) والثّاني] فيما يعمّ المحسوسات (٣) والمعقولات (٤) فإنّ (٥) الأوّل هو الّذي يكون سابقا على الغير ، ولا يكون مسبوقا بالغير ، والثّاني (٦) هو الّذي يكون مسبوقا بواحد فقطّ ، فأشبها (٧) المتضادّين باعتبار اشتمالهما (٨) على وصفين (٩) لا يمكن اجتماعهما (١٠) ، ولم يجعلا متضادّين كالأسود والأبيض ، لأنّه قد يشترط في المتضادّين أن يكون بينهما غاية الخلاف (١١). ولا يخفى (١٢) أنّ مخالفة الثّالث والرّابع وغيرهما ، للأوّل أكثر من
________________________________________
لهما جعلا شبيهين بالمتضادّين.
(١) أي في السّماء والأرض.
(٢) أي وكشبه التّضادّ الّذي بين مفهوم لفظ الأوّل ، ومفهوم لفظ الثّاني.
(٣) أي كما في قولك : المولود الأوّل سابق ، والمولود الثّاني مسبوق.
(٤) أي كما في قولك : علم الأب أوّل ، وعلم الابن ثان.
(٥) بيان لكون الأوّل والثّاني مشابهين بالمتضادّين ، توضيح ذلك : إنّما كان بين مفهوميهما شبه التّضادّ ، فإنّ مفهوم لفظ الأوّل هو الّذي يكون سابقا على الغير سواء كان محسوسا أو معقولا ، ولا يكون مسبوقا بالغير ، أي على فرض وجوده.
(٦) أي ومفهوم لفظ الثّاني ، هو الّذي يكون مسبوقا بواحد فقطّ ، أي لا غير ، وإلّا لصار ثالثا ، فبهذا الاعتبار صار مفهوم الثّاني مشتملا على قيدين ، أحدهما وجوديّ ، والآخر عدميّ كما أنّ مفهوم الأوّل أيضا كذلك.
(٧) أي فأشبه الأوّل والثّاني المتضادّين.
(٨) أي الأوّل والثّاني.
(٩) أي كعدم المسبوقيّة أصلا كالأوّل ، والمسبوقيّة بواحد كالثّاني.
(١٠) أي الوصفين.
(١١) أي كما هو أحد القولين ، فلا تضادّ بين البياض والصّفرة ، لعدم غاية الخلاف بينهما.
(١٢) وحاصل ما ذكره الشّارح في نفي التّضادّ بين الأوّل والثّاني هو أنّ الأوّل والثّاني لا يكونان متضادّين عند من يشترك في المتضادّين أن يكون بينهما غاية الخلاف ، ولا عند من لم يشترط ذلك ، أمّا عدم التّضادّ بينهما عند من يشترط أن يكون بينهما غاية الخلاف