فكم من صور لا انفكاك بينها (١) في خيال ، وهي (٢) في خيال آخر ممّا لا تجتمع (٣) أصلا ، وكم من صور (٤) لا تغيب (٥) عن خيال ، وهي في خيال آخر (٦) ممّا لا يقع قطّ [ولصاحب علم المعاني فضل (٧) احتياج إلى معرفة الجامع] ،
________________________________________
(١) أي لا انفكاك بين تلك الصّور في خيال أي حال كونها على هيئة خاصّة في خيال ، وهذا معنى الاختلاف في التّرتّب.
(٢) أي الصّور.
(٣) أي لا تجتمع بتلك الهيئة الخاصّة مثلا صور الدّواة والقلم والمداد والكتاب متقارنة في خيال الكاتب بالتّرتّب المذكور ، لأنّه يستفيد من الدّواة أوّلا ، ومن القلم ثانيا ، ومن المداد والكتاب ثالثا ، وفي خيال طالب العلم متقارنة بغير هذا التّرتّب ، وهو تقدّم صورة الكتاب على صورة الدّواة والقلم ، حيث إنّه يمارس الكتاب أوّلا ، ويحتاج إلى الدّواة والقلم في بعض الأوقات ، وثانيا فإذا ألقى الكلام المشتمل على تلك الأمور إلى الكاتب لا بدّ أن يراعي فيه التّرتيب الّذي عنده بأن يقال : أعطني دواتك وقلمك وكتابك ، وكذلك الأمر بالقياس إلى طالب العلم ، ولو انعكس الأمر لا يصحّ العطف.
(٤) أي هذا ناظر إلى قوله : «وضوحا».
(٥) أي كصورة الدّواة والقلم والكتاب بالقياس إلى خيال الكاتب.
(٦) أي كخيال القصّاب مثلا.
(٧) أي زيادة احتياج ، أي حاجة أكيدة ، فهو من إضافة الصّفة إلى الموصوف ، وقصد المصنّف بهذا حثّ صاحب هذا العلم على معرفة جزئيّات الجامع الواقعة في تراكيب البلغاء في مقام الفصل والوصل.
وبهذا اندفع ما يقال : إنّ صاحب هذا العلم يعرف أنّ الجامع العقليّ أمور ثلاثة ، والوهميّ أيضا ثلاثة ، والخياليّ واحد ، فلا معنى لحثّه على معرفتها ، وإنّما الّذي يحثّ على معرفتها طالب هذا العلم ، فكان الأولى للمصنّف أن يقول : ولطالب علم المعاني.
وبعبارة أخرى : إنّ المراد هو تعيين الجامع وتشخيصه في تراكيب البلغاء وتطبيق الكبريّات المعلومة له على الصّغريّات الواقعة في تلك التّراكيب ، ولا ريب أنّ هذا صعب جدّا.