فإن قلت (١) : كلام المفتاح مشعر بأنّه (٢) يكفي لصحّة العطف وجود الجامع بين الجملتين باعتبار مفرد من مفرداتهما ، وهو (٣) نفسه معترف بفساد ذلك حيث منع صحّة نحو : خفّي ضيّق وخاتمي ضيّق (٤) ونحو : الشّمس ومرارة الأرنب وألف باذنجانة محدثة (٥). قلت (٦) : كلامه ههنا ليس إلّا في بيان الجامع بين الجملتين ، وأمّا أنّ أيّ قدر من
________________________________________
(١) هذا اعتراض على السّكّاكي وحاصله : التّناقض بين ما ذكره هنا ، وما ذكره في موضع آخر ، حيث إنّ المتحصّل ممّا ذكره هنا كفاية وجود جامع بين المسندين ، أو المسند إليهما فقطّ في العطف ، والمتحصّل ممّا ذكره في غير هذا الموضع عدم كفاية ذلك ، والغرض من نقل هذا الاعتراض كونه توطئة للاعتراض على المصنّف حيث وقع الخلل في كلامه.
(٢) أي الشّأن «يكفي لصحّة العطف وجود الجامع بين الجملتين باعتبار مفرد من مفرداتهما» لأنّه قال : الجامع بين الجملتين إمّا عقليّ وهو أن يكون بين الجملتين اتّحاد في تصوّر ما ... ، وجه الإشعار : إنّ الكلام في الجامع المصحّح للعطف إذ ما لا يصحّح العطف لا يتعلّق الغرض ببيانه ، و «تصوّر» في قوله : «في تصوّر ما» بمعنى متصوّر ، وتنوينه يدلّ على الإفراد والوحدة ، فيدلّ على كفاية وجود الجامع بين الجملتين باعتبار مفرد من مفرداتهما ، مثل الاتّحاد في المخبر عنه ، أو في الخبر ، أو في قيد من قيودهما ، مثل الاتّحاد في أحد التّوابع أو الحال.
(٣) أي صاحب المفتاح «نفسه معترف بفساد ذلك» أي كفاية الجامع بين الجملتين باعتبار مفرد من مفرداتهما ، ففي كلامه تناف.
(٤) أي مع أنّهما متّحدين في المسند ، فليس منع العطف إلّا لعدم الجامع بين المسند إليهما ، وإن وجد بين المسندين ، وهو الاتّحاد في التّصوّر.
(٥) قوله : «محدثة» خبر الأخير ، وخبر الأوّلين محذوف لدلالة الأخير عليه ، فكلّ من الأخيرين من عطف الجمل حيث كان في الأصل : الشّمس محدثة ، ومرارة الأرنب محدثة ، وألف باذنجانة محدثة ، ومنع العطف مع أنّ المسند في الجميع واحد ، فتلك الجمل متّحدة في المسند ، فالمتحصّل من هذا الاعتراض هو التّناقض بين كلام السّكّاكي هنا وكلامه في موضع آخر.
(٦) أي قلت جوابا عن السّكّاكي ، وحاصل الجواب : إنّ هذا الاعتراض كان واردا عليه لو كان محطّ كلامه هنا الجامع المصحّح للعطف ، وليس الأمر كذلك ، بل مراده