فإنّها يجب أن تكون بغير واو البتّة (١) ، لشدّة ارتباطها بما قبلها (٢) ، وإنّما كان الأصل في المنتقلة الخلوّ عن الواو [لأنّها في المعنى (٣) حكم (٤) على صاحبها كالخبر (٥)] بالنّسبة إلى المبتدأ (٦) ، فإنّ قولك : جاء زيد راكبا ، إثبات (٧) الرّكوب لزيد ، كما في : زيد راكب ، إلّا أنّه (٨)
________________________________________
(١) أي قطعا ودائما ، لا أنّ ذلك فيها كثير ، ومثال ذلك كقولك : زيد أبوك عطوفا.
(٢) أي بحيث يصيران كالشّيء الواحد ، ولذا لا يبحث عنها في هذا الباب.
والحاصل إنّ الحال المؤكّدة لظهور ارتباطها بالمؤكّدة لا يحتاج فيها إلى ربط بالواو ، فلا يبحث عنها في هذا الباب ، فلذا احترز المصنّف عنها بالتّقييد بالمنتقلة.
(٣) أي لأنّ الحال في المعنى حكم على صاحبها لا في اللّفظ ، لأنّ الحكم في اللّفظ إنّما يكون بالمسند.
(٤) أي أمر محكوم به على صاحبها ، وذلك لأنّك إذا قلت : جاء زيد راكبا ، أفاد ذلك أنّ زيدا ثبت له المجيء حال وصفه بالرّكوب ، وفي ضمن ذلك أنّ الرّكوب ثابت له ، وحينئذ فالرّكوب محكوم به على زيد لثبوته له ، وإنّما قال في المعنى ، لأنّ الحال في اللّفظ غير محكوم بها لأنّها فضلة يتمّ الكلام بدونها.
(٥) أي كما أنّ الخبر حكم على المبتدأ في اللّفظ والمعنى.
(٦) فإنّ المبتدأ محكوم عليه في المعنى ، بل في اللّفظ أيضا ، فالغرض من التّشبيه إفادة مماثلة الحال للخبر من جهة أنّ كلا محكوم به في المعنى على صاحبه ، وإن كان الخبر محكوما به في اللّفظ أيضا.
(٧) وكان الأولى أن يقول : فإنّ قولك : جاء زيد راكبا ، معناه إثبات الرّكوب لزيد.
وكيف كان فحاصل ما ذكره الشّارح أنّ كلا من الحال والخبر يقتضي الكلام كونه ثابتا عارضا لمعروض ، فهما متساويان في ذلك ، ومختلفان في أنّ المقصود الأصلي من التّركيب بالنّسبة للخبر ثبوته للمبتدأ ، بخلاف الحال فليس ثبوته لصاحبه مقصودا من التّركيب ، بل المقصود ثبوت أمر آخر له كالمجيء في المثال ، وجيء بالحال قيدا ليهون ذلك الأمر وهو المجيء فيستفاد ثبوت الحال بطريق اللّزوم العرضي.
(٨) أي إثبات الرّكوب في الحال.