متعاقبة من أواخر الماضي وأوائل المستقبل ، والحال الّتي نحن بصددها يجب أن يكون مقارنا لزمان مضمون الفعل المقيّد بالحال ، ماضيا كان أو حالا أو استقبالا ، فلا دخل للمضارعة في المقارنة ، فالأولى أن يعلّل امتناع الواو في المضارع المثبت بأنّه على وزن (١) اسم الفاعل لفظا ، وبتقديره (٢) معنى [وأمّا ما جاء (٣) من نحو] قول بعض
________________________________________
التّكلّم ، والحال النّحويّة الّتي نحن بصددها ينبغي أن يكون مضمونها مقارنا لزمان مضمون عاملها ، سواء كان عاملها ماضيا ، أو حالا ، أو مستقبلا ، فالمضارع إنّما يدلّ على مقارنة مضمونه بزمان التّكلّم ، وليس زمان التّكلّم زمان عامله دائما إذ قد يكون زمانه ماضيا ، وقد يكون مستقبلا ، فعلى هذين الفرضين لا أثر لحديث دلالة المضارع على زمان الحال في حصول المقارنة المطلوبة في باب الحال ، كما أشار إليه بقوله : «فلا دخل للمضارعة في المقارنة».
(١) والمراد من الوزن هو الوزن العروضي لا النّحوي ، والفرق بينهما أنّ المراد من الأوّل الموافقة في عدد الحركات والسّكنات وترتيبها ، سواء وافق أشخاصها أم لا ، والمراد من الثّاني الموافقة في الأشخاص أيضا ، فالنّسبة بينهما هي عموم وخصوص مطلق لصدق الأوّل على (ينصر وناصر) دون الثّاني.
(٢) أي المضارع بتقدير اسم الفاعل معنى ، وذلك لأنّ المضارع إذا وقع حالا يؤوّل باسم الفاعل ، لاشتراكهما في الحال والاستقبال ، فإنّ قولك : جاء زيد يتكلّم ، بمعنى جاء متكلّما ، فيمتنع دخول الواو في المضارع ، كما يمتنع دخولها في اسم الفاعل.
لا يقال : إنّ هذا التّعليل موجود في المضارع المنفي مع أنّه يجوز ارتباطه بالواو.
لأنّا نقول : هذا حكمة لا علّة ، وقد بيّن في الأصول أنّه لا يجب في الحكمة الاطّراد ، كما في استحباب غسل الجمعة لرفع روائح الإباط ، وإزالة أوساخ البدن ، فما ذكروه غلط نشأ من اشتراك اللّفظ.
(٣) جواب عمّا يقال إنّه قد جاء المضارع المثبت بالواو في النّثر والنّظم ، أما النّثر فكقول بعض العرب : قمت وأصكّ وجهه ، أي قمت حال كوني صاكّا ، أي ضاربا وجهه ، الصّكّ : بمعنى الضّرب ، فإنّ ظاهر ارتباط ذلك المضارع المثبت وهو أصكّ بالواو ، وأمّا النّظم فكقول عبد الله بن همام السّلوليّ من الشّعراء الإسلاميّين ، وكان قد توعّده عبيد الله بن زياد فهرب