الأصل استمراره ، فإذا قلت : ضرب مثلا ، كفى في صدقه وقوع الضّرب في جزء من أجزاء الزّمان الماضي ، وإذا قلت (١) : ما ضرب ، أفاد استغراق النّفي لجميع أجزاء الزّمان الماضي لكن لا قطعيّا (٢) ، بخلاف لمّا (٣) وذلك (٤) لأنّهم (٥) قصدوا أن يكون الإثبات والنّفي في طرفي نقيض (٦).
________________________________________
كما تقدّم. وأمّا عدم إفادته ذلك بالاستصحاب كما يفيده النّفي ، فتحقيقه كما سيأتي ، أي فبيانه أنّ استمرار العدم الّذي هو مفاد الماضي المنفي لا يفتقر إلى وجود سبب ، فسهل فيه الاستصحاب المؤدّي إلى المقارنة ، بخلاف استمرار الوجود الّذي هو مفاد الماضي المثبت ، فإنّه يفتقر إلى سبب موجود لا إلى نفي السّبب ، لما تقرّر من أنّ العدم في حقّ الممكن يكفي فيه نفي السّبب ، لأنّه أصل له ، وأمّا وجود الممكن فلا بدّ له من سبب موجود ، وأمّا استمراره ليفيد فيه وجودا إثر وجود ، فلا بدّ له كم سبب موجود مستمرّ ليجدّد الوجودات فصعب فيه الاستمرار ، فلهذا لم يعتبر في المثبت الاستصحاب ، واعتبر في المنفي.
(١) أي ردّا لمن قال : ضرب ، قلت ما ضرب ، أو لم يضرب «أفاد استغراق النّفي لجميع أجزاء الماضي» فالمنفي إنّما هو كلّ فرد من الأحداث الواقعة في أجزاء الزّمان الماضي ، ولو قال الشّارح : أفاد استغراق النّفي لكلّ فرد من أفراد الحدث الواقعة في أجزاء الزّمان الماضي ، لكان أوضح ، وإنّما كان قولنا : ما ضرب مفيدا ، للاستغراق إمّا لمراعاة الأصل ، كما تقدّم ، وإمّا لأنّ الفعل فى سياق النّفي كالنّكرة المنفيّة بلا فتعمّ كما قيل.
(٢) أي لكن إفادة ما لاستغراق النّفي ليس قطعيّا ، أي ليس من أصل الوضع.
(٣) أي بخلاف لفظ لمّا ، فإنّه يفيد إفادة قطعيّة لدخول ذلك فيما وضع له على ما بيّن في موضعه.
(٤) أي بيان دلالة المنفي على الاستمرار دون المثبت.
(٥) أي أهل المحاورة.
(٦) أي طرفي تناقض ، فإنّ النّقيض على وزن فعيل ، والفعيل يجيء بمعنى المصدر كالمديح بمعنى المدح ، والنّكير بمعنى الإنكار ، والوجه في حمل النّقيض على التّناقض هو أنّ ما له طرفان هو التّناقض ، حيث إنّ نسبته بين المتناقضين لا النّقيض ، فإنّه يطلق على واحد من الطّرفين لا على النّسبة بينهما ، فمعنى العبارة أنّهم قصدوا أن يكون الإثبات والنّفي متناقضين.