ولمّا كان له (١) صورة أخرى لا يلي فيها الفعل الهمزة أشار إليها بقوله : [ولإنكار الفعل صورة أخرى ، وهي نحو : أزيدا ضربت أم عمرا لمن يردّد الضّرب بينهما] من غير أن يعتقد تعلّقه بغيرهما (٢) ، فإذا أنكرت تعلّقه (٣) بهما فقد نفيته عن أصله ، لأنّه لا بدّ له (٤) من محلّ يتعلّق به [والإنكار (٥) إمّا للتّوبيخ ، أي ما كان ينبغي أن يكون] ذلك الأمر
________________________________________
(١) أي لإنكار الفعل صورة أخرى ، وضابطها أن يلي الهمزة معمول الفعل المنكر ، ثمّ يعطف على ذلك المعمول بأم أو بغيرها ، وسواء كان معمول الفعل الوالي للهمزة مفعولا كما في مثال المصنّف ، أو كان فاعلا نحو : أزيد ضربك أم عمرو؟ لمن يردّد الضّرب بينهما ، وهو مبنيّ على مذهب من يجيز تقديم الفاعل على عامله ، أو كان ظرفا زمانيّا أو مكانيّا نحو : أفي اللّيل كان هذا أم في النّهار؟ لمن يردّد الكون فيهما ، أو في السّوق كان هذا أم في المسجد؟
لمن يردّد الكون فيهما إلى غير ذلك من المعمولات ، قوله : «بينهما» أي بين زيد وعمرو.
(٢) الأولى أن يقول : بأن يعتقد عدم تعلّقه بغيرهما ، لأنّ هذا هو مراد المتن ، وإلّا فما ذكره الشّارح لا يصحّ ، لأنّه يصدق بما إذا كان المخاطب خاليّ الذّهن عن تعلّقه بثالث في نفس الأمر ، بخلاف ما إذا اعتقد عدم نعلّقه بغيرهما ، فإنّ النّفي حينئذ يكون للفعل من أصله.
والحاصل : إنّ المراد بترديده الضّرب بينهما أن يعتقد الحاضر تعلّقه في نفس الأمر بأحدهما من غير تعيين له ، وقوله : «من غير أن يعتقد ...» بيان لترديد المخاطب بينهما.
(٣) أي تعلّق الضّرب بزيد وعمرو ، وفيه إشارة إلى أنّ المنكر ابتداء هو المفعولان من حيث كونهما متعلّق الفعل ، فإنّ إنكارهما من هذه الحيثيّة يستلزم إنكار الفعل ، لأنّهما محله ، ونفي المحلّ يستلزم نفي الحالّ ، فإنكارهما من هذه الحيثيّة للتّوصّل للمقصود بالذّاتّ وهو إنكار الفعل.
(٤) أي للفعل من محلّ يتعلّق به ، فإذا انتفى المحلّ انتفى الفعل عن أصله ، فيحصل إنكار الفعل.
(٥) أي الاستفهام الإنكاريّ ، وهو من أنكر عليه إذا نهاه.