والله يبقيك (١) لناسا لما |
|
برداك تبجيل وتعظيم (٢)] |
فقوله : برداك تبجيل حال ، ولو لم يتقدّمها قوله : سالما ، لم يحسن فيها ترك الواو.
[الباب الثّامن : الإيجاز (٣) والإطناب (٤) والمساواة]
قال [السّكّاكي (٥) : أمّا الإيجاز والإطناب فلكونهما (٦) نسبيّين]
________________________________________
(١) «يبقيك» من الإبقاء فعل مضارع ، وهو ضد الإفناء ، «سالما» اسم فاعل من السّلامة بمعنى البرائة من العيوب ، برداك بحذف النّون بالإضافة إلى الكاف تثنية برد ، وهو ثوب نسج باليمن ، التّبجيل والتّعظيم بمعنى واحد ، والشّاهد في قوله : «برداك تبجيل وتعظيم» حيث وقع حالا من دون الواو ، لمكان أنّه مسبوق بحال مفرد ، وهو قوله سالما.
(٢) أي معنى البيت : يبقيك الله سالما مشتملا عليك التّبجيل والتّعظيم اشتمال البرد على صاحبه ، والمقصود طلب بقائه على وصف السّلامة ، وكونه مبجّلا معظّما ، وقوله : «برداك» مبتدأ مرفوع بالألف ، والتّبجيل والتّعظيم خبره ، والجملة حال من الكاف في «يبقيك» ، ترك فيها الواو لكونها مسبوقة بحال مفرد.
(٣) الإيجاز في اللّغة : التّقصير ، يقال أو جزت الكلام ، أي قصّرته.
(٤) الإطناب في اللّغة : المبالغة ، يقال : أطنب في الكلام ، أي بالغ فيه ، وسيأتي معناهما الاصطلاحي ، وقدّم الإيجاز على الإطناب والمساواة ، لكونه مطلوبا في الكلام ، وأردفه بالإطناب ، لكونه مقابلا له ، فلم يبق للمساواة إلّا التّأخير ، وقدّم المساواة في مقام التّفصيل لكونها الأصل المقيس عليه ، فإنّها الكلام المتعارف ، ثمّ زاد عليه إطناب ، وما نقص عنه إيجاز ، ثمّ الإيجاز لما سبق ، فلم يبق للإطناب إلّا التّأخير.
(٥) هذا اعتذار عن ترك تعريف الإيجاز والإطناب ، وحاصل كلامه : أنّه ترك تعريف الإيجاز والإطناب بتعريف يتعيّن به قدرهما تحقيقا ، بحيث لا يزيد هذا القدر ، ولا ينقص ، أي ترك تعريفهما لعدم إمكان ذلك من أجل كونهما نسبيّين ، وتفاوت النّسبة باعتبار ما ينتسب إليه.
(٦) علّة للجواب الآتي ، أعني : قوله : «لا يتيسّر ...» قدّمت عليه مع دخول الفاء الجوابيّة عليها ، لكونها جوابا عن أمّا ، لإفادة الحصر أو للاهتمام ، وفي الكلام حذف ، والتّقدير فلكونهما نسبيّين مع كون المنسوب إليه مختلفا ، إذ لو لم نقدّر كذلك لا ينتج هذا التّعليل