نحو : (أَنُلْزِمُكُمُوها)(١) (١)] أي أنلزمكم تلك الهداية (٢) أو الحجّة (٣) ، بمعنى أنكرهكم على قبولها ، ونقسّركم (٤) على الاهتداء ، والحال إنّكم لها (٥) كارهون ، يعني لا يكون منّا هذا الإلزام (٦) [والتّهكّم (٧)] عطف على الاستبطاء أو على الإنكار ، وذلك
________________________________________
(١) الشّاهد في هذه الآية : مجيء الهمزة في قوله : (أَنُلْزِمُكُمُوها) للاستفهام التّكذيبي في المستقبل.
(٢) تفسير للضّمير المنصوب ، وهو الهاء والهداية في الأصل الدّلالة الموصلة للمطلوب ، أريد بها هنا ما يترتّب عليها من اتّباع الشّرع الّذي قامت به الأدلّة والعمل على طبقه.
(٣) أي الحجّة الّتي قامت على العمل بالشّرع والإكراه عليها من حيث إلزام قبولها ، فيترتّب على ذلك العمل بالشّرع ، أي لا نكرهكم على قبول تلك الحجّة.
(٤) أي نقهركم ونكرهكم على الإسلام ، أو على الاهتداء ، فالقسر مرادف للإكراه أتى به لأجل التّفنّن في التّعبير.
(٥) أي للهداية كارهون ، و (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ).
(٦) أي لا يكون منّي إلزام الأمّة الهداية ، ولا قبول الحجّة الدّالّة على العمل بالشّرع ، لأنّ هذا لا يكون إلّا من الله ، فالّذي عليّ البلاغ لا الإكراه ، وهذا الكلام من نوح لقومه الّذين اعتقدوا أنّه يقهر أمّته على الإسلام.
(٧) أي الاستهزاء والسّخريّة ، فهو إمّا معطوف على الاستبطاء ، بناء على أنّ المعطوفات إذا تعدّدت إنّما تعطف على ما عطف عليه أوّلها ، وإمّا عطف على الإنكار ، بناء على أنّ كلّ واحد منها يعطف على ما يليه.
ومحلّ الخلاف ما لم يكن العطف بحرف مرتّب كالفاء وثمّ وحتّى ، وإلّا كان كلّ واحد معطوفا على ما قبله اتّفاقا ، ثمّ ثمرة الخلاف تظهر فيما إذا كان المعطوف عليه أوّلا ضميرا مجرورا ، فعلى القول بأنّ الجميع معطوف على الأوّل لا بدّ من إعادة الخافض مع الجميع ، عند غير ابن مالك ، وعلى القول بأنّ كلّ واحد معطوف على ما قبله ، فلا يحتاج لإعادته ، إلّا مع الأوّل كما في مررت بك وبزيد وعمرو.
__________________
(١) سورة هود : ٢٨.