قلت : أراد (١) الكلام المستقلّ الّذي لا يكون جزء من كلام آخر [مسبّبة (٢) عن] سبب [مذكور ، نحو : (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ)(١) (٤)] فهذا سبب مذكور حذف مسبّبه. [أي فعل (٥) ما فعل ، أو سبّب المذكور (٦) ، نحو : قوله تعالى : (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ)(٢) (٧) ،
________________________________________
(١) أي أراد المصنّف بالجملة الكلام المستقلّ بالإفادة الّذي لا يكون جزء من كلام آخر ، فالشّرط والجزاء من أجزاء الجملة مع تركّبهما من المبتدأ والخبر ، أو الفعل والفاعل ، لأنّ كلّ واحد منهما يكون جزء من كلام آخر.
(٢) بدل من جملة ، ولا يصحّ أن يكون صفة لها ، لأنّ الأصل فيها الاشتقاق ، وهي وإن كانت مشتقّة إلّا أنّ ما عطف عليها مثل قوله : «أو سبب جامد».
(٣) المراد بالحقّ الإسلام ، وبإحقاقه إثباته وإظهاره ، والمراد بالباطل الكفر ، وبإبطاله محوه وإعدامه ، أي ليثبت الإسلام ، ويظهره ويمحو الكفر ويعدمه.
(٤) الشّاهد في الآية :
كونها مشتملة على حذف جملة مستقلّة ، وهي مسبّبة عن سبب مذكور ، وهو قوله : (لِيُحِقَّ الْحَقَّ) ، والقرينة على هذا الحذف هو اللّام في (لِيُحِقَ) فإنّه للتّعليل ، فيقتضي شيئا معلّلا ، وحيث إنّه ليس مذكورا ، فيقدّر أي فعل ما فعل ، والضّمير في الفعلين يعود إلى الله تعالى.
(٥) الضّمير في الفعلين يعود إلى الله تعالى ، وما كناية عن كسر قوّة أهل الكفر ، مع كثرتهم وغلبة المسلمين عليهم مع قلّتهم ، وحينئذ فمعنى مجموع الكلام كسر الله قوّة الكفّار وجعل لأهل الإسلام الغلبة عليهم لأجل إثبات الإسلام وإظهاره ومحو الكفر وإعدامه ، ثمّ إنّ ما ذكره المصنّف من أنّ هذه الجملة سبب لمسبّب محذوف ، أحد احتمالين ، ثانيهما إنّ قوله : (لِيُحِقَ) متعلّق ب (وَيَقْطَعَ) قبله من قوله : (وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ) ، وعلى هذا لا تكون الآية ممّا نحن فيه.
(٦) أي لمسبّب مذكور.
(٧) تمام الآية :
(وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ) الآية.
__________________
(١) سورة الأنفال : ٨.
(٢) سورة البقرة : ٦٠.